الجمعة, 30 مايو 2025 03:08 PM

دير الزور: تعزيزات "قسد" تعرقل صيانة الجسور وتفاقم معاناة السكان

دير الزور: تعزيزات "قسد" تعرقل صيانة الجسور وتفاقم معاناة السكان

يشهد ريف دير الزور الشرقي تحركات عسكرية مكثفة لـ"قوات سوريا الديمقراطية" (قسد) منذ مطلع الأسبوع الماضي، ما يثير قلقًا وتساؤلات متزايدة حول مستقبل المنطقة، وبشكل خاص مصير الجسر الحيوي الذي يربط بين مدينة البوكمال، الخاضعة لسيطرة الحكومة السورية، وبلدة الباغوز، التي تسيطر عليها "قسد". تأتي هذه التحركات العسكرية في سياق إصرار "قسد" على منع استكمال أعمال صيانة الجسور، التي تعتبر شريانًا حيويًا للتواصل الإنساني والتجاري بين ضفتي نهر الفرات. أبرز هذه الجسور هو جسر البوكمال، الذي تصدر المشهد بعد بدء أعمال صيانته ومنع "قسد" استكمالها، إضافة إلى تهديد صحفيين أثناء عمليات التصوير.

إصرار على المنع

وفقًا لأهالٍ التقت بهم عنب بلدي، وصلت تعزيزات عسكرية كبيرة تابعة لـ"قسد" إلى بلدة الباغوز، تزامنًا مع انتشار مكثف لدوريات مشتركة تجوب البلدة وبلدة السوسة المجاورة منذ عدة أيام. ويثير إصرار "قسد" على منع الورشات من استكمال أعمال بناء الجسر تساؤلات جدية حول دوافعها الحقيقية، في الوقت الذي تتزايد فيه حاجة السكان المحليين إلى هذا المعبر لتسهيل حركة الأفراد والبضائع، ما يشير إلى قرار من جانب "قسد" بتعطيل هذا المشروع.

الصحفي عبد السلام العبد الله، مراسل شبكة "الناطق" المحلية، روى لعنب بلدي أنه تعرض للتهديد بالقتل أثناء تغطيته لأعمال صيانة الجسر من جهة مدينة البوكمال الخاضعة للحكومة السورية. وأضاف أن "قسد" وضعت دوريات ومتاريس عند مدخل الجسر من جهة الباغوز. ويرى العبد الله أن الأمر يتجاوز مجرد المنع، وأن نية "قسد"، لإنشاء دشم وتحصينات عسكرية فوق الجسر تعكس "رؤية أمنية بحتة تتجاهل الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية والإنسانية".

تأثير على السكان

عبد القادر الراكان، أحد سكان مدينة البوكمال، قال لعنب بلدي، إن استمرار منع إنشاء الجسر له تداعيات "سلبية واسعة النطاق" على الصعيد الإنساني والاقتصادي. وأضاف أنه يعيق حركة المدنيين بين المنطقتين ويؤثر على الروابط الاجتماعية، ويزيد من صعوبة الوصول إلى الخدمات الأساسية. واقتصاديًا، يعطل حركة التجارة ونقل البضائع، ويرفع تكاليف النقل، ويحد من فرص التنمية الاقتصادية في المنطقة، وفق الراكان.

ويرى الصحفي فواز العطية، أن هذه التطورات في ظل حالة من الهدوء الحذر، تثير مخاوف من احتمال تصاعد التوتر بين "قسد" والجهات الأخرى الفاعلة في المنطقة. وقال لعنب بلدي، إن استمرار عدم اليقين بشأن مصير الجسر يعمّق حالة الاستياء لدى السكان المحليين، الذين يرون فيه مشروعًا حيويًا لتحسين حياتهم وتسهيل أمورهم اليومية، ما قد يؤدي إلى احتقان شعبي يزيد من حالة عدم الاستقرار في المنطقة.

تقطيع أوصال المحافظة

المهندس عبدالعزيز العبدالعزيز، مدير مديرية الخدمات الفنية في محافظة دير الزور، قال لعنب بلدي، إنّ صيانة الجسور كانت من أولويات أعمال المديرية منذ بداية سقوط النظام السابق، مشيرًا إلى تنسيق مباشر مع محافظة دير الزور وجهات معنية أخرى لدراسة وتنفيذ الجسور. وأضاف أنه يتم العمل حاليًا على إيجاد طرق بديلة لتأمين التنقل بين ضفتي النهر بطرق تقليدية (العبارات المؤقتة)، ريثما تتوفر الظروف الأمنية الملائمة لاستئناف صيانة الجسور.

وأشار العبد العزيز إلى أن الحكومة "لا تدخر جهدًا" في محاولة استئناف أعمال صيانة الجسر، مؤكدًا أن الظروف الأمنية والتهديدات المباشرة من قبل "قسد" تحول دون ذلك. من جانبها، وثّقت "الشبكة السورية لحقوق الإنسان" في تقرير لها بعنوان "دير الزور.. محافظة مقطعة الأطراف"، 29 حادثة اعتداء على جسور المحافظة منذ عام 2011 وحتى آذار 2017. توزعت هذه الاعتداءات بين قوات النظام السابق، والتحالف الدولي، والتنظيمات "المتشددة"، والقوات الروسية، وجهات أخرى مجهولة.

وفي 3 تشرين الثاني 2017، أعاد النظام السيطرة على مدينة دير الزور، وصرح محافظ دير الزور حينها، محمد إبراهيم سمره، أن المدينة تحتاج إلى ستة مليارات ليرة سورية كـ"حالة إسعافية" لإعادة إعمار البنى التحتية المدمرة. وتتوزع السيطرة في المحافظة بين القوات الحكومية التي تسيطر على مركز المدينة، منذ 11 من كانون الأول 2024، بينما تسيطر "قسد" على بعض القرى في دير الزور.

مشاركة المقال: