الثلاثاء, 3 يونيو 2025 10:24 AM

جفاف يهدد صناعة الألبان والأجبان في ريف دمشق: ارتفاع الأسعار يقلل الإقبال

جفاف يهدد صناعة الألبان والأجبان في ريف دمشق: ارتفاع الأسعار يقلل الإقبال

تواجه الأسر الريفية في قرى وبلدات ريف دمشق أزمة حقيقية هذا العام مع ارتفاع أسعار مونة الألبان والأجبان، وسط تداعيات موجة الجفاف والقحط الذي ضرب المنطقة خلال الموسم الماضي، وما تبعه من نقص في إنتاج الحليب وتراجع عدد مربي المواشي.

في جرود القلمون، وهي من أبرز المناطق التي يعتمد سكانها على تربية الأغنام وإنتاج الحليب، يقول المربي أحمد البيطار إن موجة القحط الشديد التي ضربت المراعي العام الماضي دفعت بالمربين إلى الاعتماد الكلي على الأعلاف، في ظل ارتفاع كبير بأسعارها. يوضح أن “الكثير من المربين اضطروا إلى النزوح بمواشيهم نحو جرود لبنان بحثًا عن المراعي الخضراء، ما أدى إلى نقص واضح في عدد المربين المحليين، في وقت تزايد فيه الطلب على مادة الحليب ومشتقاته مع بداية موسمها”.

ويبدأ موسم تحضير المونة عادة من شهر آذار وحتى حزيران، حيث تحرص العائلات الريفية على تخزين كميات من الجبن واللبنة والزبدة لتغطية احتياجاتها خلال العام. لكن هذا الموسم شهد إقبالاً ضعيفًا جدًا من الأهالي نتيجة الأسعار المرتفعة، التي باتت تفوق قدرتهم الشرائية.

فاطمة محمد، وهي ربة منزل وأم لخمسة أطفال من ريف دمشق، عبّرت في حديثها إلى منصة سوريا 24 عن استيائها من ارتفاع الأسعار، قائلة: “كنت أشتري في السابق عشرة كيلو من الجبن لتكفينا حتى الشتاء، أما اليوم فعجزت عن شراء حتى كيلو واحد، بعد أن وصل سعره إلى 50 ألف ليرة سورية، فيما بلغ سعر رطل حليب الغنم 30 ألفًا، وهي أسعار باهظة جدًا مقارنة مع دخلنا المتواضع والغلاء المعيشي الذي نرزح تحته”.

المونة.. ثقافة ريفية في مهب الأزمة

تمثل المونة عنصرًا أساسيًا في حياة الأسر الريفية السورية، فهي ليست مجرد مواد غذائية مخزّنة، بل جزء من الثقافة الغذائية والعادات الاجتماعية التي توارثتها الأجيال، حيث كانت العائلات تحضّرها مع بداية الربيع بكميات كبيرة لتأمين الاكتفاء الذاتي خلال الخريف والشتاء، وتخفيف الأعباء المالية. لكن في السنوات الأخيرة، ومع تدهور الواقع الاقتصادي وتراجع الإنتاج المحلي بسبب الجفاف وغلاء الأعلاف، شهدت هذه العادة تحولات جذرية، حيث باتت كثير من الأسر تعجز عن تحضير مونة العام، أو تكتفي بكميات رمزية، ما أفقد المونة دورها التقليدي كمصدر غذاء واستقرار.

ويؤكد عدد من الأهالي في ريف دمشق أن أسعار المونة باتت توازي أسعار الكماليات، في وقت يعاني فيه معظم السكان من انخفاض الدخل وانعدام فرص العمل، وسط غياب أي دعم حكومي أو تدخل لخفض الأسعار أو دعم الإنتاج الزراعي والحيواني.

الحاجة إلى حلول عاجلة

في ظل هذه التحديات، يطالب مربو الأغنام بدعم مباشر لتكاليف الأعلاف، وتأمين مناطق رعوية بديلة، وتوفير دعم تقني للمربين، بهدف إعادة التوازن إلى سوق الألبان ومشتقاتها، وضمان استمرارية هذه الثقافة الغذائية التي باتت مهددة بالزوال في الكثير من المناطق الريفية السورية.

مشاركة المقال: