تشهد منطقة تلكلخ في ريف حمص الغربي استقرارًا نسبيًا وتعايشًا بين مختلف المجموعات السكانية، بفضل جهود الإدارة المحلية الجديدة في استعادة الأمن وتوفير الخدمات. ومع ذلك، تظل المخاوف قائمة من أعمال عنف فردية أو مجهولة قد تهدد هذا التوازن الدقيق.
التعايش مستمر رغم التحديات
تضم منطقة تلكلخ عددًا كبيرًا من القرى المسيحية ذات التاريخ العريق، مثل الناصرة، كفرا، المشتاي، بحزينا، مشتى عازار، تنورين، مرمريتا، حب نمرة، جوار العفص، زويتيني، عين الراهب، عين الباردة، القلاطية، الكيمة، الدغلة، الخنساء، عين الغارة، مقلس، بلاط، والمزينة.
تقول لمى، إحدى سكان تلكلخ، لمنصة سوريا 24: "الحياة بدأت تعود تدريجيًا إلى طبيعتها"، مشيرة إلى أن الإدارة السورية الجديدة تتعامل مع قضايا المواطنين دون تمييز. وتضيف: "احتياجات المكون المسيحي لا تختلف عن احتياجات باقي السوريين، وتتركز في تحقيق الأمن والأمان، وتحسين الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية".
هامش الحريات: ممارسة الشعائر الدينية بحرية
تؤكد لمى أن المكون المسيحي في تلكلخ يمارس حريته الدينية بشكل كامل، مشيرة إلى أن احتفالات الأعياد المسيحية الأخيرة، مثل عيد الميلاد وعيد الفصح، جرت بتنظيم دقيق وإشراف مباشر من الأجهزة الأمنية، وخاصة مديرية الأمن العام، التي وفرت الحماية الكاملة للكنائس والمواقع الدينية.
وتضيف أن هذا التعاون "عزز ثقة المكون المسيحي بالإدارة الجديدة، وأعطى أملاً حقيقياً في بناء وطن آمن ومستقر"، معربة عن أملها في استمرار هذا النهج الإيجابي وتعزيزه.
تحذيرات من التلاعب بالسلم الأهلي
على الرغم من التعايش النسبي، يعرب السكان عن قلقهم من محاولات التلاعب بالسلم الأهلي من قبل جهات مجهولة، ربما تكون منفردة أو مدعومة من الخارج. وتشير لمى إلى أن الاعتداءات التي وقعت مؤخرًا على كنيستين في حمص أثارت حالة من الذعر، مطالبة الأجهزة الأمنية بملاحقة الجناة ومعاقبتهم.
وتضيف: "نعتقد أن هناك من يعبث بالسلم الأهلي بين الطائفة المسيحية والإسلامية، ربما أشخاص مجهولون وأعمال فردية، مما يسبب الذعر في بعض الحالات. نتمنى ملاحقتهم ومحاسبتهم".
رفض النظرة الطائفية
يقول إليان طرابلسي، أحد سكان حمص، لمنصة سوريا 24، إن العلاقات بين المسلمين والمسيحيين في المدينة "عادية جداً ولا تخلو من المودة"، مضيفاً أن "المشكلة ليست مع أهل حمص أنفسهم، بل مع بعض الأشخاص القادمين من خارج المدينة، والذين يحملون ثقافات مختلفة غير مألوفة عندنا".
ويؤكد رفضه أي نقاش أو مقارنة على أساس طائفي، قائلاً: "نحن لسنا من النوع الذي ينظر إلى الآخر بعين الانتماء الطائفي".
انعكاسات أمنية وتحذيرات من الفتنة
شهدت منطقة تلكلخ قبل أيام هجومًا أسفر عن مقتل عنصر من قوى الأمن الداخلي، وإصابة ثلاثة آخرين، بالإضافة إلى وفاة مدنيين اثنين وإصابة اثنين آخرين بجروح خطيرة. وذكر مصدر أمني أن تحقيقًا فوريًا قد بدأ لكشف الملابسات.
وحذر العميد مرهف النعسان، قائد الأمن الداخلي في حمص، من محاولات عبر منصات التواصل الاجتماعي لـ"تأجيج الشارع وتحريض الرأي العام بدوافع الثأر والانتقام"، مشيراً إلى أن الأجهزة الأمنية تعمل بالتنسيق مع وجهاء المنطقة لاحتواء التوتر ومنع الانجرار إلى الفوضى. ودعا العميد النعسان الجميع إلى "الابتعاد عن الشائعات"، مؤكداً أن القوى الأمنية لن تتهاون في ملاحقة الجناة وتقديمهم للعدالة.
وسط كل ذلك، يبدو أن هناك إرادة مجتمعية قوية في تلكلخ وحمص عمومًا، ترفض الانقسامات الطائفية وتسعى نحو الوحدة الوطنية، وهو ما يُعد حجر الأساس لإعادة بناء سوريا الجديدة.