الأربعاء, 28 مايو 2025 10:50 PM

تكاليف النقل الباهظة تعيق عودة النازحين إلى ديارهم في شمال سوريا: معاناة مستمرة رغم تحسن الأوضاع

يواجه آلاف النازحين في المخيمات المنتشرة على الشريط الحدودي بين سوريا وتركيا، شمال غرب البلاد، تحديات كبيرة في طريق عودتهم إلى قراهم وبلداتهم الأصلية، رغم مضي سنوات طويلة على تهجيرهم، وتحسن الأوضاع نسبياً في بعض المناطق.

ورغم الرغبة المتزايدة لدى العديد من العائلات بمغادرة الخيام التي لا تقيهم حر الصيف أو برد الشتاء، إلا أن التكاليف المادية، وخاصة ما يتعلق بنقل ممتلكاتهم البسيطة، تقف عائقاً أمام تنفيذ هذه الخطوة.

بحسب ما أفاد به عدد من النازحين، فإن كلفة نقل خيمة واحدة وما تحتويه من مستلزمات أساسية، تتراوح بين 150 و300 دولار أمريكي، بحسب المسافة والوجهة.

يقول محمد العمر، وهو نازح يقيم في أحد مخيمات ريف حلب الشمالي: "أردنا العودة إلى بلدتنا التي أصبحت آمنة نسبياً، لكن تكلفة نقل الخيمة وأغراضنا تصل إلى 200 دولار، وهو مبلغ لا نملكه… بالكاد نغطي احتياجاتنا اليومية".

أما أم يوسف، وهي أرملة تعيش مع أطفالها في خيمة منذ أكثر من سبع سنوات، فتوضح أن رغبتها في العودة إلى منزلها المدمر في ريف إدلب لم تكتمل بسبب عدم قدرتها على تحمّل نفقات النقل: "أنا مستعدة أن أضع الخيمة فوق أنقاض منزلي، فقط لأبتعد عن حياة المخيمات، لكن لا أستطيع دفع 300 دولار للنقل… هذا فوق طاقتي".

بعض العائلات قررت المضي قدمًا في العودة رغم كل الصعوبات، مفضّلين العيش فوق أنقاض منازلهم أو إلى جوارها، بدلاً من البقاء في المخيمات التي تفتقر إلى أبسط مقومات الراحة، خاصة مع ارتفاع درجات الحرارة في فصل الصيف.

يقول عبد القادر سليمان، الذي عاد مؤخرًا إلى قريته في ريف حلب الغربي: "بيتي مدمّر بالكامل، لكنني نصبت الخيمة في ساحة المنزل، على الأقل هنا أشعر أنني في مكاني… حياة المخيم قاسية ولا تصلح لأطفالنا". ويتابع: "اضطررت لاستدانة مبلغ 250 دولارًا لتأمين أجرة النقل، لأني لم أعد أتحمّل البقاء في المخيم أكثر".

وتبرز هذه العودة "غير الرسمية" في ظل غياب برامج شاملة لتيسير النقل أو دعم العودة المنظمة، إلا أن بعض المبادرات الصغيرة بدأت بالظهور في عدد من المخيمات، حيث تولّت جمعيات محلية أو متبرعون تغطية تكاليف ترحيل عدد محدود من العائلات إلى قراهم، في إطار جهود فردية أو مجتمعية محدودة النطاق.

لكن هذه المبادرات لا تزال غير كافية مقارنة بحجم الحاجة، في وقت تعجز فيه الكثير من العائلات عن تمويل انتقالها بنفسها، ما يجعل العملية مرهونة بالقدرة المالية أو الحظ في الحصول على دعم من جهة ما.

في المقابل، دعا ناشطون محليون ومنظمات مجتمع مدني إلى ضرورة إطلاق مبادرات إنسانية موسعة لتخفيف عبء العودة، سواء عبر تقديم منح مالية مخصصة للنقل، أو توفير آليات ترحيل مجانية أو مدعومة.

وتبقى العودة إلى القرى المدمرة حلمًا مؤجلاً لكثير من النازحين الذين يجدون أنفسهم عالقين بين خيارين أحلاهما مرّ: البقاء في المخيمات تحت ظروف معيشية صعبة، أو العودة إلى منازل بلا سقف ولا جدران، دون أدنى مقومات الحياة.

مشاركة المقال: