بعد شهر من زيارة وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان إلى إيران وتأكيد الجانبين على فتح صفحة جديدة في العلاقات، كادت تصريحات رجل الدين الإيراني المتشدد غلام رضا قاسميان خلال موسم الحج أن تفجر أزمة جديدة.
أثار قاسميان جدلاً واسعاً بنشره مقطع فيديو من المدينة المنورة يتضمن تصريحات مسيئة، زعم فيها أن السياح يمكنهم استبدال أنطاليا بمكة والمدينة لقضاء وقتهم. ألقت الشرطة السعودية القبض عليه بعد ساعات من انتشار الفيديو.
قوبلت تصريحاته باستياء في إيران، حيث اعتبرها رجال دين فتنة تخدم أعداء وحدة المسلمين، واستذكروا دوره في الهجوم على السفارة السعودية في طهران عام 2011، معتبرين الحادثة محاولة لتعكير صفو العلاقات المتحسنة.
كتب مستشار وزير الخارجية الإيراني رنجبران مذكرة تربط الحادثة بسيناريو الهجوم على السفارة السعودية قبل عقد من الزمن، محذراً من وجود خطة جديدة قيد التنفيذ لتعطيل التقارب.
تكتسب العلاقات مع الرياض أهمية لطهران، خاصة مع دعم السعودية للمفاوضات الأميركية الإيرانية حول الاتفاق النووي. وأي توترات مع دول الخليج قد تؤثر سلباً على هذه المحادثات.
أشار مراقبون إلى معارضة قاسميان للتفاوض مع الولايات المتحدة ومطالبته بشن هجوم على إسرائيل. وتحدث عبد الرضا داودي عن "صلات بين قاسميان وعائلة يهودية في إيران"، ما قد يفسر سلوكه.
أدانت القيادة الإيرانية تصريحات قاسميان، وقدم مسؤولون كبار اعتذاراً رسمياً للسعودية. أُطلق سراحه خلال 48 ساعة وتم ترحيله إلى طهران عبر دبي.
كتب الإعلامي رضا رشيدبور ساخراً: "أنت الذي تعارض التفاوض مع آل سعود، هل تسمح لنا بالتفاوض معهم من أجل إطلاق سراحك؟".
وصف ممثل المرشد الأعلى في القوات المسلحة علي سعيدي تصريحات قاسميان بأنها نابعة من "الغرور والنرجسية والدوافع السياسية" وتخدم مصالح الأعداء.
أدان موقع "مشرق نيوز" المقرب من الحرس الثوري سلوك قاسميان، ودعا إلى الحذر في اختيار من يُرسل إلى موسم الحج. أُرسل قاسميان إلى الحج من قبل مكتب المرجع الشيعي آية الله مكارم شيرازي، الذي لم يعلق على الحادثة.
أعرب عضو في لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية بالبرلمان عن استيائه، مؤكداً أن تصريحات قاسميان لا تخدم مصلحة إيران والمنطقة.
لم تكن الجماعات المتشددة التي هاجمت سفارتي بريطانيا والسعودية في السابق ناشطة هذه المرة، ما يشير إلى أن النظام الإيراني سعى لاحتواء الأزمة. فشلت محاولة أنصار قاسميان تنظيم استقبال حاشد له في المطار. طالب نشطاء بمحاكمته إذا لم يقدم أدلة على اتهاماته.