علي الموسوي: لا يغيب عن بال اللبنانيين أنّ الصهاينة كانوا أوّل من انتهك سيادة لبنان وتدخّل في شؤونه، قبل قيام دولة لبنان الكبير وقبل الاستقلال، من خلال سعي الحركة الصهيونية، في بدايات القرن العشرين، إلى دفع ثلاث مصالح أساسية لها في لبنان: المصلحة السياسية من خلال تأسيس علاقات وثيقة مع بعض طوائفه؛ المصلحة الاقتصادية والاستيطانية عبر ضمّ نهر الليطاني ومصادر المياه الأردنية والنظر إلى منطقة جنوب لبنان بوصفها هدفاً محتملاً للاستيطان اليهودي وتوجيه الهجرات اليهودية نحوها؛ والمصلحة الأمنية من خلال منع نشوء تنظيمات وأنشطة معادية للاستيطان اليهودي سواء من قبل مجموعات مسلحة أو من قبل جيوش نظامية.
ولم يتوقف الصهاينة عن سعيهم إلى احتلال أراضٍ لبنانية حتى يومنا هذا متذرّعين بأسباب لا يسندها سوى ارتكابهم المجازر بحقّ المدنيين وتدمير قراهم، في ظلّ صمت دولي ولا سيّما من الراعي الأميركي لهذا الكيان، وتجاهل كثيرين في الداخل اللبناني ممن ينادون بالسيادة.
وتؤكّد مقولتنا هذه المواقع الخمسة التي لا تزال محتلّة من قبل العدو الإسرائيلي بعد عدوانه الأخير على لبنان عام 2024، يضاف إليها الحزام الأمني الذي أنشأه العدو، ويمتدّ من جنوب الناقورة إلى مرتفعات مزارع شبعا، بطول 102 متر وبعرض 96 كلم2 (اللون الأخضر على الخريطة المرفقة)، وهي أرقام أولية تحتاج إلى معاينة ميدانية لتأكيدها، وقد تزيد بالنظر إلى طبيعة العدو التوسعية ما دام لا يجد من يوقفه عن هذا السلوك العدواني، مزدرياً بقرارات الأمم المتحدة وغير عابئ بمطالبات الدول الصديقة للبنان. ولا ينبغي لهذين التعدّي والاحتلال الجديديْن أن يُنسيانا ما كان من احتلالات سابقة للبنان والمتمثّلة بـ:
- مناطق التحفظ على الخط الأزرق الـ 13.
- مناطق الخرق الدائم الـ 18، ومن ضمنها:
- أراضٍ لبنانية، ما يُعرف بخرق الماري الغجر التي تتضمن أراضي امتداد الغجر العمراني.
- أراضٍ لبنانية، ما يُعرف بخرق رأس الناقورة وتتضمن:
- الجزء اللبناني من نفق رأس الناقورة.
- المنطقة الواقعة ما بين الرأس الصخري والترقيم الحدودي B.1.P.
- منطقة مزارع شبعا وتلال كفرشوبا.
- منطقة النخيلة العقارية.
- منطقة الغجر ( حصراً قرية الغجر).
- المنطقة البحرية الواقعة بين:
- امتداد خط الترسيم البحري 23.
- امتداد خط الطفافات البحري (حتى نهاية خط الطفافات).
- القرى السبع المحتلة.
الخريطة من إعداد: معين بحر
وبالعودة إلى المواقع الخمسة المحتلّة، وهي موقع اللبّونة وجبل بلاط وجبل الباط موقع بين مركبا وحولا وتلّة الحمامص، نشير أولاً إلى معلومات تتحدّث عن أنشطة يقوم بها العدو لإنشاء موقعَين آخرَين أحدهما في منطقة اللبّونة، وآخر في العديسة.
أمّا جغرافياً، فإنّ كلاً من المواقع الخمسة المحتلة يقوم على مرتفع مشرف على محيطه الجغرافي داخل الأراضي اللبنانية والفلسطينية بنسب تختلف حسب طبيعة الأرض الجغرافية بالقرب من بلدة حدودية لبنانية أو أكثر؛ مستعمرة حدودية أو أكثر داخل الأراضي الفلسطينية؛ موقع عسكري حدودي أو أكثر.
وتشترك هذه المواقع من حيث الأهمية بمميزات منها إمكانية الإشراف المباشر على منطقة واسعة من الأراضي والبلدات اللبنانية والمستعمرات الصهيونية، وإمكانية تبادل الرؤية مع المواقع المحتلة المجاورة.
استمرار هذا الاحتلال يمثّل دافعاً لجميع اللبنانيين من أجل العمل على إزالته وتحرير كل ذرّة تراب من أرض الوطن، إذ «لا يجوز التخلّي عن أحد أقسام الأراضي اللبنانية أو التنازل عنه»، بموجب نصّ المادة (2) من الدستور اللبناني.
ثمّ إنّ رئيس الجمهورية وبموجب نصّ المادة (50) من الدستور أيضاً، قد أقسم باللّه العظيم بـ «أنّي أحترم دستور الأمة اللبنانية وقوانينها وأحفظ استقلال الوطن اللبناني وسلامة أراضيه». ومن المسلّم به أنّ حفظ سلامة الأراضي اللبنانية هو بتطهيرها من الاحتلال الصهيوني الجاثم على حدود الوطن الذي يلوّث باحتلاله الإرهابي التراب الذي سقته دماء الشهداء من مدنيين ومقاومين وعسكريين من ضبّاط وأفراد الجيش اللبناني وسائر القوى الأمنية.
تحرير الأراضي اللبنانية هو مسؤولية الشعب اللبناني باعتباره مصدر السلطات وصاحب السيادة وفق منطوق الفقرة (د) من مقدّمة الدستور، فهل نحترم دستورنا الذي ننادي بتطبيقه؟
* باحث