الجمعة, 30 مايو 2025 03:12 PM

المناظرة الزنبورية: قصة النحوي سيبويه ومقتله بسبب خطأ لغوي

(قصة طلب سيبويه لعلم النحو، وقصة موته بسبب علم النحو) هو أبو بشر عمرو بن عثمان بن قَنْبَرَ، صاحب الكتاب، أوّل كتاب جامع في النحو، وفاته ١٨٠ هجريّة ولمّا يتجاوز الثلاث والثلاثين سنة احتُضِر وأسرع إليه الموت (احتُضِر الشابّ أي مات فتيّاً). سبب طلبه لعلم النحو أنّه لحن (غلط) في حديث لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم: (ليس أحد من أصحابي إلّا من لو شئت لأخذت عنه ليس أبا الدّرْداء)، فقال سيبويه: الصواب ليس أبو الدّرْداء، فأجابه حمّاد الراوية: لحنت يا سيبويه، الصواب: ليس أبا الدّرْداء، ليس هنا تفيد الاستثناء، التقدير: ليس أحد من أصحابي إلّا من لو شئت لأخذت عنه ليس هو أبا الدّرْداء. اسم ليس ضمير شأن محذوف تقديره: هو، أبا خبر ليس منصوب وعلامة نصبه الألف لأنّه من الأسماء الخمسة، ليس: فعل ماض ناقص مبنيّ على الفتحة الظاهرة. فقال سيبويه: لا جَرَمَ، لأطلبنَّ علماً لا يلحّنني معه أحد، فطلب علم النحو، ولزم عالم النحو في زمانه الخليل بن أحمد الفُرْهُوديّ الأزديّ، ولازمه، وتتلمذَ له، وكان قد أخذ شيئاً من النحو عن عيسى بن عمر الثقفيّ، ويونس بن حبيب، وأخذ اللغة عن الأخفش الكبير.

وسبب وفاة سيبويه تلك المناظرة التي طلبها الوزير يحيى بن خالد البرمكيّ، بينه وبين عالم النحو الكسائي، كان سيبويه يمثّل مدرسة البصرة التي تعتمد العقل والقواعد الصارمة في النحو، والكسائي مدرسة الكوفة تعتمد على السماع من العرب مباشرة حتّى ولو خالفت القاعدة، قال الكسائي: تسألني أم أسألك؟ فقال سيبويه: سلْ أنت.

فسأله الكسائي عن قول العرب: كنت أظنّ أنّ العقرب أشدّ لسعةً من الزّنبور، فإذا هو هي، أو فإذا هو إيّاها. فقال سيبويه: فإذا هو هي، بالرفع مبتدأ وخبر، وليس بالنصب، إي إيّاها مفعول به لفعل محذوف تقديره: يساوي إيّاها، فقال الكسائي لسيبويه: لحنت، العرب ترفع كلّ ذلك وتنصبه. فقال الوزير يحيى البرمكيّ: قد اختلفتما، وأنتما رئيسا بلديكما في النحو، فمن يحكم بينكما؟ فقال له الكسائي: هذه العرب الأقحاح ببابك، فيحضرون و يُسألون، فقال يحيى البرمكيّ: انصفت، فأحضروا بعض العرب، وقيل أنّ الكسائي قد رشاهم من قبل، وتكون بذلك أولى طلائع الفساد والرشوة عند العرب، فدخل هؤلاء ومنهم فقعس وأبو زياد وأبو الجرّاح، فقالوا: نوافق الكسائي، دون أن ينطقوا بالجملة نهائيّاً، قالوا: القول قول الكسائي، ولم ينطقوا بالنصب على مذهب الكسائيّ، ولا الرفع وكان هؤلاء العرب يعلمون منزلة الكسائي عند الخليفة هارون الرشيد، فانحازوا له خوفاً، وطمعاً بالمال، قال سيبويه للوزير: مُرهم أن ينطقوا بذلك بألسنتهم، فأنّها لا تطوّع به، لا تطوّعهم ألسنتهم النطق بالنصب، أي سينطقون كما قال سيبويه بالرفع: فإذا هو هي وهكذا رحل سيبويه إلى فارس ومات كمداً في ريعان الشباب.

سُمِّيَت هذه المناظرة بالزّنبوريّة وذهبت مثلاً (المناظرة الزّنبوريّة) القصّة تمثّل صراعاً بين منهجين في علم النحو أغنى اللغة العربيّة، وهذه القصّة تعلّمنا أنّ اللغة العربيّة ليست قواعد صمّاء بل روح نبض لسان العرب (اخبار سوريا الوطن 1-صفحة الكاتب)

مشاركة المقال: