الخميس, 29 مايو 2025 01:02 AM

هيئة العدالة الانتقالية في سوريا: هل تتحقق العدالة الشاملة أم تقتصر على محاسبة النظام؟

هيئة العدالة الانتقالية في سوريا: هل تتحقق العدالة الشاملة أم تقتصر على محاسبة النظام؟

أثار المرسوم الرئاسي رقم 20، الصادر في 17 أيار الجاري بتشكيل "الهيئة الوطنية للعدالة الانتقالية" في سوريا، جدلاً واسعاً بسبب حصر مهامها بكشف الحقائق حول انتهاكات النظام السابق.

وعلى الرغم من أن "العدالة الانتقالية" كانت مطلباً أساسياً بعد سقوط نظام "بشار الأسد"، حذرت أصوات عديدة من تحولها إلى عدالة "انتقامية" أو "انتقائية".

الجميع ارتكب انتهاكات: الجيش الحر بمختلف فصائله وتشكيلاته، الجيش الوطني، قسد، داعش، حزب الله، إيران، روسيا، تركيا، ميليشيات طائفية من لبنان والعراق وإيران وأفغانستان، التحالف الدولي الذي دمر بيوتاً على أهلها خلال حربه على “داعش”، وغيرها وطبعاً هيئة تحرير الشام التي وصلت إلى السلطة محمد العبد الله

المرسوم يقصر مهمة الهيئة على التحقيق في انتهاكات النظام ومحاسبة المسؤولين عنها، وجبر الضرر الواقع على الضحايا، وترسيخ مبادئ عدم التكرار والمصالحة الوطنية. يرى البعض أن هذا التقييد يستثني مآسي السوريين خلال 14 عاماً من الصراع، حيث شاركت أطراف مختلفة ارتكبت انتهاكات واسعة.

يشير البعض إلى أن الصيغة الحالية للمرسوم تستثني انتهاكات تنظيم "داعش"، التي لا يمكن إنكار وحشيتها وتأثيرها على السوريين.

المحامي "أنور البني" لا يرى مشكلة في صدور المرسوم عن الرئاسة بدلاً من المجلس التشريعي، مؤكداً على أهمية تحديد آليات عمل الهيئة، خاصة فيما يتعلق بمحاكمة المجرمين وتعويض الضحايا والبحث عن الحقائق ونشرها.

هيئة العدالة الانتقالية ليست الطريق الوحيد للضحايا للحصول على العدالة، فلديهم الحق باللجوء إلى أطر أخرى قد تكون أكثر صعوبة لكن من حقهم اللجوء إلى القضاء العادي سواءً المدني أو الجزائي ولا يمكن منع الضحايا من الحصول على العدالة أنور البني

ويضيف "البني" أن المحاكمة مهمة، خاصة مع استمرار الاعتقالات دون محاكمة وإفلات بعض المجرمين من العقاب. ويرى أن حصر عمل الهيئة بجرائم النظام غير مبرر، لكنه يتفهم دوافع ذلك، مؤكداً أن للضحايا الحق في اللجوء إلى القضاء العادي.

الحقوقي "إياد الشعراني" يعتقد أن هناك أسباباً سياسية وراء صدور القرار بشكله الحالي، وأن حصر عمل الهيئة بجرائم النظام لا يحقق الهدف الرئيسي للعدالة الانتقالية، وهو تحقيق السلام الاجتماعي المستدام. ويحذر من أن مسار العدالة الانتقالية المنقوص والمسيّس سيؤدي إلى حالة من عدم الاستقرار الاجتماعي والسياسي.

نظام “الأسد” كان “أس الجرائم في سوريا” لكن هذا لا يعني تجاهل بقية المجرمين. النضال مستمر ولن يتوقف. ياسمين مشعان

ويشدد "الشعراني" على ضرورة الأخذ بجميع آليات العدالة الانتقالية، وتطوير البنية التشريعية السورية لتناسب هذا المسار، بما في ذلك النص على جرائم الحرب والانتهاكات ضد الإنسانية، وضم الاتفاقات الدولية الإنسانية إلى التشريعات السورية.

ويحذر من احتكار مسار العدالة الانتقالية من قبل السلطة، ويدعو إلى أن يكون المسار قائماً على الضحايا والاستفادة من منظمات المجتمع المدني وخبراتها.

المدير التنفيذي للمركز السوري للعدالة والمساءلة يتحدث عن ضرورة عدم تسييس ملف "العدالة الانتقالية" والتعامل معه كملف إنساني يرتبط بمصائر الناس وعوائلهم.

القرار جاء مخيباً للآمال إذ يختصر العدالة لأنه قرار يختصر العدالة بجرائم النظام السوري، ولم يكن منصفاً لكل الضحايا ويعترف بحقهم في المشاركة بعمليات العدالة الانتقالية ويخالف الإعلان الدستوري نفسه. ياسمين مشعان

ويؤكد "العبد الله" أن الجميع ارتكبوا انتهاكات في "سوريا"، على الرغم من تفاوت نسبتها وفداحتها، ويشير إلى أن المرسوم يبرئ الجميع عدا نظام "الأسد".

المسار الأفضل لتشكيل “هيئة العدالة الانتقالية” كان إقرارها عبر مرسوم يصدر من مجلس تشريعي منتخب وليس مرسوماً تنفيذياً يصدر عن الرئاسة، وذلك بناءً على تجارب دول أخرى في هذا السياق. فضل عبد الغني

ويدعو الحقوقي السوري إلى إعادة النظر بهيئة العدالة الانتقالية قبل أن تباشر عملها، احتراماً للضحايا السوريين جميعاً.

رئيسة رابطة عائلات قيصر كتبت أن القرار الرئاسي كان مخيباً للآمال، لأنه يختصر العدالة بجرائم النظام السوري، ولا يعترف بحق جميع الضحايا في المشاركة بعمليات العدالة الانتقالية.

رئيس الشبكة السورية لحقوق الإنسان "فضل عبد الغني" يعتبر أن المسار الأفضل لتشكيل "هيئة العدالة الانتقالية" كان إقرارها عبر مرسوم يصدر من مجلس تشريعي منتخب.

يجب استخدام العدالة والمحاسبة كأداة للسلام وليس كسلاح للانتقام. مازن درويش

المحامي وصف المراسيم الرئاسية بـ"المتسرعة" وقال أنه ليس مطمئناً على العدالة في ظل استبعاد كامل لرأي عائلات الضحايا والمنظمات الحقوقية والمدنية.

مشاركة المقال: