السبت, 28 يونيو 2025 01:26 AM

مأساة في قداس الوداع: تفجير إرهابي يحول كنيسة مار إلياس إلى ساحة دماء في دمشق

مأساة في قداس الوداع: تفجير إرهابي يحول كنيسة مار إلياس إلى ساحة دماء في دمشق

هارون العربيد – السويداء

في حي الدويلعة بدمشق، الذي لطالما عرف بالسلام، هز انفجار إرهابي كنيسة مار إلياس، محولاً قداسًا جنائزيًا إلى مأتم جماعي. أسفر الهجوم الذي استهدف الكنيسة يوم الأحد الماضي عن مقتل 22 شخصًا وإصابة 59 آخرين، وفقًا لآخر إحصائيات وزارة الصحة السورية.

“ركام وأشلاء”

كان من المفترض أن يكون قداسًا على روح إحدى السيدات، حيث اجتمعت عائلة “البشارة” للصلاة على خالتهم. ولكن، بعد دقائق من الترانيم، تبدل كل شيء إلى انفجار، رصاص، دخان، وركام وأشلاء. بهذه الكلمات المؤثرة، وصفت لور النصر، زوجة جريس البشارة، أحد ضحايا الحادث المأساوي، كيف تغير مسار حياة العائلة إلى الأبد.

تقول “النصر” في حديثها لنورث برس: “صرنا نسمع صوت رصاص، نزلنا كلنا تحت المقاعد، كان زوجي جريس وشقيقه بطرس معنا منبطحين على الأرض… وفجأة دخل الإرهابي، مسك قنبلة وبدّو يفجّرها، جريس ركل القنبلة من إيده، وبطرس حاول يطرحه أرضاً لحتى يمنعه… بس الإرهابي فجّر الحزام الناسف، ونسف كل شي”.

وتضيف: “لحظات قليلة، لكنها صنعت الفرق بين موت شامل، وبين نجاة مئات المصلين. جريس وبطرس أنقذونا، خلّونا نكفّي حياة… بس ما ضل منهم شي. جريس لقيناه من النص ولفوق، أما بطرس، ما لقينا له أي أثر.”

بطولة تحت الرماد

من بين المقاعد الخشبية المتفحمة، ووسط الدخان والعويل، صرخت ثناء مسعود، زوجة بطرس البشارة: “زوجي بطل، هو فدى ٣٠٠ أو ٤٠٠ شخص… لو ما رماه جريس على الأرض، كان فجّر كل شي. بس انفجر بالحفرة تحت… وطار للسما. طلع من بيت الرب… لبيت الرب.”

بصوت يعتصره الألم، تتوسل ثناء أن تجد شيئًا منه، قطعة صغيرة، سنّ، إصبع، أي أثر يُبقيه على الأرض: “بدي أي شي… لو جزء من رفاته. هو طلع عند يسوع، بس أنا قلبي عم ينزف، ومخنوقة. زوجي حماني… بس بعده قلبي عم ينزف.”

الكنيسة، بكل قدسيتها، تحولت إلى مسرح للجريمة، ولكن في مواجهة الموت، بقيت الأجراس تدق، والصلوات تُرفع، والقلوب المنكسرة تهتف: “المسيح قام، حقًا قام”.

“بدنا حقنا”

حنا البشارة، شقيق بطرس وجريس، لم يكن في الكنيسة وقت التفجير، بل كان في بيروت يودع الخالة ذاتها التي كان يُقام القداس على روحها، وعاد إلى دمشق لحظة تلقيه خبر التفجير. يقول حنا: “قلتلوا: مشيئتك يارب… بس بعدين بلشت أركض بين المشافي، بين التوابيت، بين الأشلاء، أدور على أخي بطرس”.

ويضيف أنه لم يعثر على شيء، دخل ثلاجات الطب الشرعي، وراح يتفحص أكياسًا سوداء تحمل ما تبقى من الأجساد. شم، نظر، لمس، تفحص… لم يجد أثرًا لأخيه.

ويشدد حنا البشارة على ما قاله بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للروم الأرثوذكس يوحنا العاشر يازجي، مطالبًا بحقهم من الرئيس السوري أحمد الشرع. وحمل البطريرك “يازجي”، وهو أكبر رجل دين مسيحي في سوريا، حكومة الشرع مسؤولية التقصير في حماية الأقليات، وذلك خلال تشييع ضحايا التفجير، مشيرًا إلى أن تعازي الرئيس أحمد الشرع “لا تكفي”، في وقت يتصاعد فيه القلق بين الأقليات الدينية بشأن قدرتهم على الاعتماد على ضمانات الحكومة الجديدة بالحماية.

كما نددت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية تامي بروس بما وصفته بأنه “هجوم وحشي وجبان”، ودعت الحكومة السورية إلى محاسبة جميع مرتكبي العنف وضمان أمن جميع السوريين، بمن فيهم أفراد الأقليات الدينية والعرقية. وأضافت أن واشنطن تواصل دعمها للحكومة السورية “في محاربتها للقوى التي تسعى إلى بث عدم الاستقرار والخوف في بلادهم وفي المنطقة”.

تحرير: خلف معو

مشاركة المقال: