الإثنين, 23 يونيو 2025 07:55 PM

فاجعة دمشق: رحيل المهندس جريس البشارة شهيداً في تفجير إرهابي

بقلوب يعتصرها الألم، نودع الأخ والصديق والأستاذ والزميل، المهندس جريس جميل البشارة، الذي ارتقى شهيداً في التفجير الإرهابي الغادر الذي استهدف كنيسة مار إلياس بدمشق، وإلى جانبه الشهيد الدكتور المهندس معن كوسى.

إن الكتابة عن قامةٍ مثل المهندس جريس البشارة، الرجل الصنديد الذي نحت مستقبله بعصامية قلمه وفكره ومثابرته، لهي مهمة جلل. كان مثالاً يحتذى به بين زملائه في العمل والمهنة والأخلاق، فهو ابن العائلة الأصيلة التي غرست قيم التسامح والمحبة وحب الخير والعلم. منذ عرفته مديراً لهندسة المرور في المؤسسة العامة للمواصلات الطرقية، لمست فيه إدارته المتميزة لفريق العمل في أصعب الظروف، وكيف تشابكت الأيدي لدفع مسيرة العمل والإنجاز. كان مؤمناً بروح الفريق الواحد، واستنباط الحلول والأفكار، وتقديم النصح والإرشاد، ومتابعة هواجس كل عامل، ومد يد العون والمساعدة، فكان أخاً لهم قبل أن يكون مديراً، تاركاً في قلوب زائريه أثراً عميقاً بما يمتلكه من طيبة نفس وتقدير للمواقف.

ظل المهندس جريس شغوفاً بالعمل ودقته، مصراً على تحقيق النجاح والرضا. واستمر بنفس الوتيرة وأكثر، مديراً للمتابعة في وزارة النقل، فحضر وشارك في أعمال وجولات لا تحصى على مدار الساعة وفي كافة الأصعدة، وترك بصمة كبيرة في نفوس الناس والعاملين وكل من عرفوه. وصولاً إلى استلامه منصب معاوناً فنياً ثم مديراً عاماً للمؤسسة، فصنع أسرة عمل بكل ما للكلمة من معنى، في الإدارة وعلى امتداد القرى والمحافظات التي أغناها بخبرته وعلمه وعمله.

وداعاً أستاذ جريس، سنفتقد لروحك الطيبة التي لم تعرف إلا الخير والسلام، ولمهنيتك ومتابعتك الدؤوبة التي لم تبخل في تخفيف الحوادث واجتراح الحلول على شبكة الطرق، من صيانة وإنشاء وتخطيط ودهان وإشارات طرقية ودراسات وتطوير، تتمحور في مجملها حول رفع معايير السلامة والأمان وزيادة كفاءة الأداء في خدمة العابرين على امتداد مسافات الوطن. وها أنت اليوم تجابه الإرهاب بشجاعة وإقدام، إلى جانب شقيقك الشهيد بطرس، الذي أفنى جسده في إبعاد العمل الإجرامي ومنعه قدر الإمكان، وإنقاذ حياة الأبرياء والأطفال الذين كانوا في الكنيسة.

ووداعاً أيضاً لصديقنا الحبيب الدكتور المهندس معن كوسى، الذي أرسى عملاً مميزاً في البحوث والمختبرات الطرقية، وفي كل المواقع التي تسلمها في المؤسسة، وكان مثالاً في الصدق وحب المعرفة والعمل والعطاء بكل دقة ومهنية في كل ما أوكل إليه أينما حل. ربّى أولاده على الخير ونالوا أعلى درجات التفوق، وكافح للقمة عيشه ناشراً أدبه وأخلاقه الحسنة وعصاميته الطيبة في كل ميادين العمل والحياة، أخاً نبيلاً للجميع.

الوفاء لكم ولكل الشهداء، لما عرفناه عنكم من حب وطيبة وأخلاق واستقامة واحترام وعمل صادق ومسؤول، ونموذجاً في الحياة المهنية والاجتماعية على حد سواء. نستذكر معكم وغيركم ممن نعرفهم كل الأعمال والخدمات النبيلة التي قدموها، وهي رصيد باق لا يمحوه الزمن، نستذكره بعد الفراق أحاديث وذكراً، ويدنينا من قوارير ورده عطراً ينشر شذاه ربيعاً بعد ربيع.

الرحمة لأرواحكم الطاهرة النقية وأرواح الأبرياء الذين فقدناهم، وتعازينا الحارة لأسرة العمل وأسرة الفقيدين والأصدقاء والمحبين، والشفاء للجرحى والمصابين.

(اخبار سوريا الوطن ١-صفحة الكاتب)

مشاركة المقال: