بينما تتصاعد المطالبات بزيادة مشاركة المرأة في الحياة السياسية في سوريا، تناقل ناشطون ومشاركون في جلسة تعريفية نظمتها محافظة دمشق حول "استحقاق انتخابات مجلس الشعب"، معلومات تشير إلى أن تمثيل المرأة في المجلس "يجب ألا يقل عن 20%"، وهي نسبة يعتبرونها غير كافية ولا توازي الكوتا النسائية المتعارف عليها دولياً والمحددة بـ 30%.
قد تُرى هذه النسبة إيجابية مقارنة بتمثيل المرأة في البرلمان في عهد النظام السابق عام 2024، حيث حصلت النساء على 24 مقعداً من أصل 250، أي أقل من 10%. لكن بالمقارنة مع الكوتا الدولية البالغة 30%، تعتبر النسبة ضئيلة، خاصة بالنسبة للمطالبين بالمساواة الكاملة.
تظهر بيانات التعداد السكاني لعام 2021 الصادرة عن مكتب الإحصاء أن عدد النساء في سوريا يبلغ حوالي 14 مليوناً و530 ألفاً، مقابل 14 مليوناً و470 ألف رجل (داخل وخارج البلاد)، مما يعني أن النساء يشكلن نحو 50.1% من إجمالي السكان.
بناءً على هذا التوزيع، يتطلب التمثيل العادل في مجلس الشعب المكون من 250 مقعداً تخصيص 125 مقعداً للنساء و125 للرجال، وفقاً لمبدأ "التمثيل المتكافئ". ومع ذلك، فإن نسبة الـ 20% المتداولة حالياً لا تزال بعيدة عن هذا المستوى ولا تحقق الكوتا كآلية لضمان التمثيل الحقيقي للمرأة في مراكز القرار.
أُعلن مؤخراً عن تشكيل اللجنة العليا لانتخابات مجلس الشعب، مما أثار انتقادات جديدة حول تمثيل المرأة في العملية السياسية، حيث ضمت اللجنة سيدتين فقط من أصل 11 عضواً، أي بنسبة لا تتجاوز 18.1%، مما يشير إلى عدم وجود التزام جدي بمبدأ التمثيل العادل للمرأة.
مع ذلك، يجب ألا يقتصر تقييم تمثيل المرأة في مجلس الشعب على عدد المقاعد فقط، بل يجب أن يشمل وصول النساء الكفؤات والخبيرة. فالمشاركة العادلة لا تعني مجرد تخصيص "كوتا"، بل تعني وجود نساء فاعلات ومؤثرات يحملن قضايا مجتمعاتهن ويدافعن عنها بشجاعة.
إن الحديث عن نسبة 20% قد يكون خطوة، لكنه غير كافٍ بالتأكيد. ما تحتاجه البلاد اليوم هو انتقال فعلي نحو تمثيل يعكس التنوع السكاني والجندري، ويكسر النمط السائد الذي يحصر السياسة في أيدي الرجال. فكما أن للمرأة الحق الكامل في التصويت، فإن لها الحق ذاته في أن تُمثّل بعدالة، لا كمجرد ديكور ديمقراطي، بل كجزء أصيل من صناعة القرار وبناء المستقبل.