في خطوة مفاجئة، أعلن حزب العمال الكردستاني حل نفسه، منهياً بذلك عقوداً من الصراع المسلح ضد تركيا. هذا الإعلان، الذي جاء بعد مبادرة لمعالجة المشكلة الكردية ديمقراطياً، يثير تساؤلات حول مستقبل القضية الكردية وتأثيره على المنطقة.
الحزب، الذي استعرض تاريخ نضاله ضد الدولة التركية، دعا البرلمان التركي إلى تحمل مسؤولياته والعمل على حل ديمقراطي للقضية الكردية، مع الاعتراف التام بعبد الله أوجلان كمرجعية للتباحث مع الدولة التركية.
يبقى مصير أوجلان، المعتقل منذ عام 1999، غامضاً، مع توقعات بوضعه تحت الإقامة الجبرية. في المقابل، رحبت القيادة التركية بقرار الحزب، مؤكدة على ضرورة أن يشمل وحدات حماية الشعب الكردية في سوريا.
بعد 47 عاماً من النضال، يبدو أن الحزب حقق مكاسب كبيرة، ليس فقط في تركيا، بل أيضاً في سوريا، حيث أصبح الأكراد عنصراً مؤثراً بفضل الدعم الأميركي. هذا الدعم يفتح الباب أمام الحديث عن حكم ذاتي أو فدرالي للأكراد في سوريا.
في ظل هذه التطورات، تستمر الحوارات والتعاون بين قوى إقليمية ودولية، بما في ذلك اتصالات بين "تل أبيب" ودمشق وأنقرة. هذه التحركات تأتي في سياق إعادة ترتيب الأوراق في المنطقة، حيث تلعب الولايات المتحدة دوراً محورياً.
نجح العمال الكردستاني في استغلال الفراغ السياسي والأمني في شرق الفرات بعد "الربيع العربي"، مستفيداً من التدخل التركي في سوريا. هذا الأمر دفع الرئيس ترامب إلى وصف أردوغان بـ"الذكي" لقدرته على السيطرة على دمشق.
مع استمرار التنسيق بين أنقرة و"حكام دمشق الجدد"، يبقى الهدف الرئيسي من إسقاط نظام الأسد هو استبعاد دمشق من دورها المقاوم، وفتح الأبواب أمام المشاريع الإمبريالية والصهيونية.
يبدو أن ترامب يسعى إلى إعادة ترتيب المنطقة بما يخدم مصالح الكيان الصهيوني، حتى لو تطلب ذلك التخلي عن الأكراد، كما فعل أسلافه من قبل.
في هذا السياق، يبقى الرهان على حسابات واشنطن التكتيكية والاستراتيجية، التي قد تدفعها إلى إعادة ترتيب الأوراق في المنطقة من جديد.