تزايد عودة العمالة السورية الماهرة، ذات الأجور المنخفضة مقارنة بالعمالة التركية، بعد سقوط النظام، يخلق تحديات في سوق العمل التركي.
في غازي عنتاب، يلاحظ حسين المرندي، عضو غرفة التجارة وصاحب شركة المرندي، عودة العمال السوريين، مما "يخلق فراغاً في المصانع والمحلات التجارية". منذ سقوط نظام الأسد، عاد مئتا ألف سوري من تركيا، بحسب دائرة الهجرة، وتراجع عدد السوريين الخاضعين للحماية المؤقتة إلى نحو 2.8 مليون شخص. عودة العمالة السورية "الكفؤة والمثابرة" تخلق تخوفاً في سوق العمل التركي، وفقاً للمرندي.
يحاول التجار الأتراك التأقلم بتوظيف العمال الأتراك ورفض توظيف السوريين الجدد خوفاً من مغادرتهم. المرندي، الذي تضم شركته 20 موظفاً سورياً، يرى إمكانية الاعتماد على الموظفين الأتراك في الوظائف الإدارية، بينما تنحصر وظائف الإنتاج بالسوريين. شركته لديها فرع في إدلب، وينوي توسيع عمله هناك، مما يتيح فرصاً للعمال السوريين العائدين.
عودة الشركات
في مرسين، رصدت "سوريا على طول" محلات سورية تقوم بتصفية بضائعها للعودة إلى سوريا. علي حجازي، الذي كان يعمل في تجارة المواد الغذائية في غازي عنتاب، عاد إلى حلب بعد تراجع تجارته بنسبة 95%. أسس شركة "ورد" المتخصصة في استيراد الأدوات الكهربائية.
واجه حجازي تحديات مثل ارتفاع تكاليف النقل والرسوم الجمركية، وصعوبة التنسيق مع الموردين في تركيا، وغياب التسهيلات الرسمية لنقل الأعمال الصغيرة والمتوسطة. توقع أن تؤثر عودة العمالة السورية على سوق العمل التركي، حيث كان لهم دور في تحريك بعض القطاعات الاقتصادية.
بينما أغلق حجازي تجارته في تركيا، يحاول آخرون تأسيس مشاريع في سوريا مع الاحتفاظ بأعمالهم في تركيا، مثل مجموعة تسعى إلى تعزيز الربط التجاري بين البلدين. محمد محناية، مدير فرع المجموعة في مرسين، يرى أن نسبة العائدين قليلة، وأن أغلب العائدين هم من العائلات التي أجبرتها الظروف المعيشية الصعبة.
تأثيرات اقتصادية واسعة
حتى قبل سقوط نظام الأسد، عانت تركيا من نقص العمالة في بعض القطاعات. عودة العمالة السورية تزيد من التأثير على الاقتصاد التركي. في صيف العام الماضي، تضررت بعض القطاعات الصناعية التركية بسبب مغادرة العمال السوريين. مصنع "بالبن تكستيل" في اسطنبول انخفض إنتاجه بسبب مغادرة العمال السوريين.
وزير العمل التركي، فيدات إيشيخان، يرى أن البيانات الأولية تشير إلى أنه لن يكون هناك تغييرات جدية في سوق العمل. وزارة العمل تجري دراسة ميدانية لقياس أثر عودة السوريين على سوق العمل. الخبير الاقتصادي رضوان الدبس يرى أن الحكومة التركية لم تقدم رؤية واضحة بشأن بقاء السوريين، وأنها اتجهت إلى التضييق عليهم.
يبلغ عدد اللاجئين السوريين العاملين في السوق التركي بشكل قانوني 109,370 عاملاً، فيما تشير التقديرات إلى أن 500 ألف عامل يعملون بطرق غير نظامية. يشكل السوريون نحو 7% من إجمالي العاملين في قطاع المنسوجات التركي. السوريون والأفغان يشكلون نحو 80% من القوى العاملة في قطاع الزراعة.
تأثر العقار أيضاً، حيث تراجعت أسعار الإيجارات وارتفع عدد الأبنية الشاغرة. المدارس الخاصة شعرت بالارتباك بعد انخفاض عدد الطلبة السوريين. الدبس يتوقع تعرض بعض القطاعات إلى خسارات بنسبة 20% بسبب عودة السوريين.
قدّر علاء حمامي، الباحث في الشؤون الاقتصادية، متوسط العائدين يومياً إلى سوريا بنحو 11 ألف شخص. عودة اللاجئين السوريين لها آثار مباشرة على سوق العمل التركي، منها نقص العمالة وارتفاع الأجور. حمامي يتوقع إغلاق من ألف إلى ثلاثة آلاف شركة سورية خلال العام المقبل.
الحكومة التركية تبحث عن تعويضات للشركات ومن المتوقع أن تبدأ في استقدام عمالة من دول آسيا الوسطى وأفريقيا. حمامي يأمل أن تمنح الحكومة التركية إذن عمل لفترة طويلة للعمالة السورية الماهرة. حسين المرندي يأمل ألا تتأخر الحكومة التركية في اتخاذ الإجراءات اللازمة لبقاء شريحة من الشباب السوري.
علي حجازي ومحمد محناية يتفقان على أن السوريين بدأوا في التأقلم بسرعة والمساهمة في الاقتصاد التركي.