الخميس, 8 مايو 2025 07:58 PM

من الرواية إلى الشاشة: هل تتجاوز الدراما التلفزيونية سحر الأدب الروائي؟

من الرواية إلى الشاشة: هل تتجاوز الدراما التلفزيونية سحر الأدب الروائي؟

لازلت أذكر كلمات القاص والإعلامي حسن.م يوسف عندما قال في أحد لقاءاته على إحدى المحطات العربية: “التلفزيون أوصلني لأهلي، فأبي وأمي لا يحسنان القراءة ولا الكتابة، وقد تواصلا مع كلماتي لأول مرة، من خلال مسلسل (نهاية رجل شجاع).. رغم منجزاته الأدبية والصحفية إلا أن جلّ ماكتبه لم ينل شهرة السيناريو الذي قدمه في مسلسل (نهاية رجل شجاع) والمأخوذ عن رواية المبدع الكبير حنا مينه مؤكداً الدور الكبير للدراما في انتشار منجزه الإبداعي، مشدّداً على تقيّده بالرواية كما هي وإعطائها احتمالات أخرى حسب البناء الدرامي. إذ عمد يوسف إلى تفكيك الرواية وإعادة بنائها في نص تلفزيوني محكم من ناحية البناء الدرامي الحكائي وأسس لما يمكن أن نسميه بالرواية التلفزيونية التي تكاد تغيب عما ينتج اليوم درامياً. الأمر الذي يطرح التساؤل التالي: هل تحول الرواية إلى صور بصرية تلفزيونية أو سينمائية أهم وأجمل من الرواية نفسها؟ وهل من مصلحة الكاتب الروائي أن يصبح العمل البصري أهم من منجزه الروائي؟

محاولة للاقتراب من روح العصر

يجيب الناقد الصحفي منصور الديب إلى أنه لا ينبغي أن يغيب عن ذهننا أن التقنيات الإبداعية مختلفة تماماً بين المرئي والمقروء وبالتالي المقارنة غير دقيقة، ففي كثير من الأحيان يتم استبعاد تفاصيل من النص المكتوب، واستبدالها بتفاصيل أخرى تناسب الدراما. ويضيف: بعض الأعمال الدرامية تفوقت على النصوص، والعكس بعض النصوص الإبداعية كانت أكثر روعة كنص أدبي منها كعمل درامي، لكن في النتيجة من يحب القراءة سوف يقرأ ويشاهد ويستمر في بحثه عن الكتب، فالقراءة عادة وتوجيه، وإخراج الأعمال الأدبية في صورة درامية قد يشجع على القراءة ولا يؤدي إلى تراجعها، فالدراما لا تمنع من القراءة، فالرواية فن والدراما فن، ولا تعارض بينهما، ومن يعجب بالعمل الدرامي سيسعى للإطلاع على النص الأصلي لقراءته. ولفت منصور إلى أن الاقتباس من الرواية وعالم الفكر والخيال إلى عالم الصورة والتمثيل والديكور، أوجد علاقة يشوبها نوع من التوتر أحياناً بين المنتج الروائي والمنتج الدرامي، وهو ناجم عن مدى قدرة الدراما على نقل واقع الرواية بكل حيثياته، ثم إلى أي حد يمكن التزام الصورة ومحافظتها على واقع النص الأصلي وأدبيته؟ وهل يمكن ترجمة النص الروائي المكتوب بلغته الأدبية إلى نص درامي وسيلته الصورة البصرية من دون الإخلال بروح المعنى؟ هنا تكمن قوة السيناريست والمخرج في نقل جوهر الرواية.

بين التقنية الروائية والتقنية الدرامية

وترى الناقدة الصحفية سلوى عباس أن اختيار النص الأدبي سبباً لنجاح العمل الدرامي، فالاستناد إلى نصوص أدبية في الأعمال التلفزيونية لخدمة الدراما، ليس بجديد، فأغلب الروائع الخالدة ما زالت عالقة في أذهان المشاهدين، جاءت عن نصوص أدبية بديعة وأكثر من وظف هذا الموضوع بشكل صحيح ومناسب هما السينما والتلفزيون، حيث تم تحويل أعمال أعمدة الكُتّاب العرب أمثال: نجيب محفوظ وإحسان عبد القدوس ويوسف السباعي وتوفيق الحكيم وغيرهم إلى أعمال سينمائية وتلفزيونية،ما زادَ من متابعة تلك الروايات بعد أن كانت محصورة بين فئة معينة من القراء وخرجت من نخبويتها ورسمت طريقاً معبداً فنياً تجاه شريحة كبيرة من الجمهور. إن المزاوجة بين فنيات الرواية كجنس أدبي لها مصنفات بنائية وجمالية مخصوصة والسيناريو الذي ينطوي على إعادة كتابة النص الأدبي صوغه وفق إستراتيجيات لغوية لفظية . وتضيف: إن التقنية الروائية يمكن أن تخدم التقنية الدرامية والعكس صحيح، في الرواية والمسلسل التلفزيوني يعتمد الكاتب على رسم المشهد والحوار لبناء عالمه الأدبي والفني، وتالياً فالتقنيات هنا تخدم بعضها بعضاً، أما عن تفاصيل هذه التقنيات فهي مختلفة بشدة، ففي السيناريو التلفزيوني يهتم الكاتب بالتفاصيل الصغيرة، حيث يقوم بتجميعها وتركيبها ليعطي في النهاية الديناميكية للعمل الدرامي بما يخدم تطـــور الحدث والحكاية، وهنا يستخدم الصورة والكادر والعمق وحركة الممثلين التي تُعنى بتشكيل المشهد الدرامي، بينما يمكن اختزال كل ذلك في عبارة أو إشارة سريعة في الرواية. ‏ الجدير بالذكر أن أول تجربة في سورية إلى عدة عقود خلت في سبعينيات القرن الماضي فاقت شهرة مسلسل (أسعد الوراق) الرواية الأساسية (الله والفقر) للكاتب صدقي إسماعيل وكان المسلسل سبباً لارتفاع نسب المبيع بعد العرض التلفزيوني، العمل تصدى لبطولته الفنان الراحل هاني الروماني ومنى واصف، وصاغ السيناريو والحوار الخاص به الأديب الراحل عبد العزيز هلال، وأخرجه آنذاك المخرج علاء الدين كوكش، ولعل الإبداع في الأداء بين أبطال العمل وطريقة صياغة السيناريو أسهما كثيراً في الترويج للمنجز الأدبي والروائي.

اخبار سورية الوطن 2_وكالات _الحرية

مشاركة المقال: