أكدت كارلا كينتانا، رئيسة المؤسسة المستقلة المعنية بالمفقودين في سوريا، أن وجود مكتب دائم للمؤسسة داخل سوريا يُعد شرطًا أساسيًا للوصول إلى إجابات حول مصير آلاف المفقودين، مضيفةً أن "البحث عن المفقودين يتطلب أن تكون المؤسسة في الميدان".
جاء ذلك خلال حوار مع "أخبار الأمم المتحدة"، حيث استعرضت كينتانا الجهود الجارية لتحديد مصير الأشخاص الذين فقدوا خلال النزاعات والانتهاكات التي وقعت على مدى عقود في سوريا، مشددةً على أن المؤسسة تبحث عن "كل شخص مفقود بغض النظر عن جنسيته أو دينه أو سبب اختفائه".
وأوضحت كينتانا أن المؤسسة زارت دمشق في شباط/فبراير الماضي لأول مرة، والتقت بعائلات المفقودين واستمعت إلى شهادات مؤثرة، كما بدأت في بناء شراكات مع السلطات المؤقتة والمجتمع المدني السوري من أجل إطلاق استجابة وطنية منسقة بدعم دولي.
وقالت: "لقد بدأنا بالفعل في جمع الشهادات من العائلات داخل سوريا، وفي بعض الحالات، كانت هذه هي المرة الأولى التي يتحدث فيها هؤلاء الناس عن أحبائهم المفقودين منذ سنوات، بل منذ عقود".
وأشارت كينتانا إلى أن مهمة المؤسسة "ضخمة"، وأن عدد المفقودين ما زال غير معروف بدقة، لكنه يُقدر بعشرات الآلاف. وأكدت أن المؤسسة تعتمد في عملها على الخبرات الدولية والدعم التكنولوجي والعلمي، وتدعو الدول الأعضاء إلى تقديم كل أشكال الدعم، بما في ذلك تبادل المعلومات المتعلقة بالمفقودين داخل سوريا وخارجها.
وأضافت: "نحتاج إلى دعم المجتمع الدولي ليس فقط مالياً، بل أيضاً عبر نقل المعرفة والخبرات، خصوصاً في مجال الطب الشرعي والتحقيق في حالات الاختفاء القسري. كما نحتاج إلى مكتب لنا في سوريا يكون مركز عملياتنا ومصدر ثقة للعائلات".
وخلال زيارتها لمناطق مثل صيدنايا وداريا، أكدت كينتانا أن المؤسسة أمامها "قمة جبل الجليد"، إذ تواجه آثار دمار هائل وخراب بشري لا يزال مستمراً. ولفتت إلى أنها خلال تواجدها في الشارع، لاحظت أن "كل شخص في سوريا يعرف شخصاً مفقوداً"، وهو مؤشر على عمق المأساة الإنسانية.
ودعت كينتانا جميع الأطراف إلى التعاون مع المؤسسة دون تمييز، مشددةً على أن مهمتها إنسانية بحتة تسعى لكشف الحقيقة وتقديم الدعم النفسي والاجتماعي للضحايا وأسرهم.
وختمت قائلة: "نحن هنا لنقدم دعمنا الفني والعلمي للشعب السوري، ولنبدأ ببناء عملية يقودها سوريون وبمشاركة عائلات المفقودين والمجتمع المدني. أمامنا طريق طويل، لكن البداية قد بدأت".
وفي ظل استمرار تداعيات النزاع وآثاره الإنسانية، تبقى قضية المفقودين في سوريا رمزاً للألم الذي لم يُشفَ بعد. ومع بدء المؤسسة المستقلة خطواتها الأولى على الأرض السورية، يعلق السوريون آمالاً كبيرة على هذه الجهود الدولية لإعادة الوضوح إلى مصير أحبائهم، ووضع حد لمعاناة تمتد عبر عقود.