أكد وزير الخارجية الفرنسي، جان نويل بارو، أن بلاده لن تقدم دعمًا غير مشروط لسوريا، مشددًا على أن الحكم على دمشق سيكون بناءً على أفعالها على أرض الواقع. جاء ذلك خلال مقابلة مع قناة "TF1" الفرنسية، حيث أوضح الوزير أن باريس ترغب في رؤية سوريا تركز جهودها على مكافحة الإفلات من العقاب، والحد من العنف الطائفي، ومواجهة تنظيم "الدولة".
وأشار بارو إلى أن فرنسا طلبت من الرئيس السوري للمرحلة الانتقالية، أحمد الشرع، القدوم إلى فرنسا، وذلك بعد تعهده بالمضي قدمًا في مكافحة الإفلات من العقاب. كما دعا الحكومة السورية إلى "محاسبة جميع المسؤولين عن أعمال العنف التي ارتُكبت في الساحل السوري والسويداء بحق أبناء الطائفتين العلوية والدرزية". وحذر من أن "انهيار سوريا اليوم سيكون بمثابة فرش السجادة الحمراء أمام تنظيم (الدولة)".
وأضاف الوزير الفرنسي: "طلبنا مسبقًا من هذه الحكومة السورية معالجة قضية الأسلحة الكيماوية التي انتشرت في سوريا، وقد عولجت هذه المسألة جزئيًا. كما طلبنا من السلطات آنذاك الدخول في حوار مع الأكراد، وقد بدأ حوار بالفعل".
وتأتي هذه التصريحات في ظل انتقادات يوجهها اليمين الفرنسي للرئيس إيمانويل ماكرون بسبب دعوته الشرع لزيارة فرنسا. فقد وصفت زعيمة التجمع الوطني الفرنسي، مارين لوبان، الرئيس الشرع بـ"الجهادي الذي عايش (داعش) و(القاعدة)". لكن وزير الخارجية الفرنسي ردّ على ذلك قائلًا، إن "مارين لوبان ليست في وضع يسمح لها بالحديث عن سوريا، فهي التي دعمت بشار الأسد، الجلاد المتعطش للدماء للشعب السوري".
وذكرت وكالة الأنباء السورية (سانا) أن مباحثات الشرع في فرنسا ستركز على إعادة الإعمار وآفاق التعاون الاقتصادي والتنمية في سوريا، ولا سيما في مجالات الطاقة وقطاع الطيران. كما ستشمل المباحثات التحديات الأمنية التي تواجه الحكومة السورية الجديدة، والاعتداءات الإسرائيلية المتكررة على السيادة السورية، والعلاقات مع دول الجوار وخاصة لبنان.
وأفادت وكالة "رويترز" بأن الشرع حصل على إعفاء من الأمم المتحدة للسفر إلى باريس، حيث لا يزال مدرجًا على قائمة العقوبات بسبب قيادته السابقة لـ"هيئة تحرير الشام".
وأكد مسؤولون فرنسيون لـ"رويترز" أن ماكرون والشرع سيناقشان كيفية ضمان سيادة سوريا وأمنها، والتعامل مع الأقليات بعد الهجمات الأخيرة في الساحل والسويداء، وجهود مكافحة الإرهاب ضد مسلحي تنظيم "الدولة الإسلامية"، وتنسيق المساعدات والدعم الاقتصادي، بما في ذلك تخفيف العقوبات.
وكانت فرنسا قد رحبت بسقوط الأسد، وعززت علاقاتها بشكل متزايد مع السلطات السورية الانتقالية، وعيّنت مؤخرًا قائمًا بالأعمال في دمشق كخطوة نحو إعادة فتح سفارتها بشكل كامل. كما لعبت فرنسا دور الوسيط بين الشرع و"قوات سوريا الديمقراطية" (قسد) في الوقت الذي بدأت فيه الولايات المتحدة بتقليص وجودها.