الأحد, 18 مايو 2025 09:52 AM

شعر عن دمشق يثير جدلاً: قراءة في الرمزية والتاريخ

شعر عن دمشق يثير جدلاً: قراءة في الرمزية والتاريخ

أثارت أبيات الشاعر محمد ياسين صالح عن دمشق، والتي ألقاها أثناء توليه وزارة الثقافة السورية، ردود فعل متباينة بين مؤيد ومعارض. انقسمت هذه الردود إلى قسمين رئيسيين دون فهم جوهر الشعر والظرف الذي قيلت فيه.

جوهر الشعر يكمن في الصورة المدهشة التي قد تروق للبعض ولا تروق للآخرين. أما جوهر الظرف، وهو الأهم، فقد اعتمد على السياسة في مناقشة الأبيات، وهو أمر خاطئ. بغض النظر عن الرأي الفني في الشعر، فإن الظرف الذي قيلت فيه الأبيات قسم المستمعين إلى فريقين متضادين:

  • فريق قرأ التاريخ الدمشقي قراءة تاريخية وأدرك أن هذه الفاصلة التاريخية جزء من حياة دمشق، وأن استثمار التاريخ في الصورة أمر جميل. فدمشق وجامعها الأموي تحديدًا، استخدما في مئات الأبيات بتعابير الخلود والبقاء ويوم القيامة.
  • فريق قرأ التاريخ من منظور ضيق، وانتقد الأمويين وتاريخهم، كأنّ الانتماء عندهم تكريس أو رفض. فات هؤلاء أن الأمويين تركوا آثارهم، وأن سلبيات أو إيجابيات اليوم لا تعنيهم بشيء.

في تراثنا وحاضرنا من فهم حقيقة الرمز والمجد، ورأى ارتباط دمشق بالأمويين الذين أعطوها مكانتها وقصر الخضراء. هؤلاء، وإن كان انتماؤهم غير أموي، إلا أنهم لاذوا برمزية المدينة!

إنصافًا للشعر والشاعر، عدت إلى كتابي «الديوان السوري» الذي صدر في دمشق عام 2016، ووجدت أن تعبير «يوم القيامة» استعمله ببراعة محمد بن حبيب الشاعر الدمشقي المولود في 710 هـ، الذي وُصف شعره بالسلاسة والعمق. قال ابن حبيب في الجامع الأموي:

بجامع جلق رب الزعامه

أقم تلق العناية والكرامه

مصلى فيه للرحمن ذكر

ومثوى للقبول به علامه

دمشق لم تزل للشام وجهاً

ومسجدها لوجه الشام شامه

أدام الله بهجته وأبقى

محاسنه إلى يوم القيامه

من شعر ابن حبيب جاء تعبيران: "شامة" و"يوم القيامة". الأول استعاره نزار قباني: يا شام يا شامة الدنيا. والثاني استعاره محمد ياسين صالح: يوم القيامة. وهذا يتيح لنا أن نقرأ مفهوم الرمز والصورة.

ولابن حبيب استعارات ورموز ستبقى منهلًا للمبدعين. لنقرأ ما قال في الجامع الأموي:

معبد الشام يجمع الناس طراً

وإليه شوقاً تميل النفوس

كيف لا يجمع الورى وهو بيت

فيه تُجلى على الدوام العروس؟

في إشارة ذكية لمئذنة العروس. فهل إذا استعارها شاعر يمكن أن تقوم المواقع ولا تقعد سلبًا أو إيجابًا؟

إسماعيل مروة

مشاركة المقال: