الخميس, 8 مايو 2025 02:02 AM

حمص: ناشط يروي تفاصيل اعتقال مهين وتعذيب على يد عناصر الأمن بسبب "إثبات خطوبة"

حمص: ناشط يروي تفاصيل اعتقال مهين وتعذيب على يد عناصر الأمن بسبب "إثبات خطوبة"

ناشط يروي تفاصيل توقيف مهين في حمص: طلبوا إثبات خطوبتي ثم ضربوني

روى الناشط “عبد الرحمن الكحيل” تفاصيل الحادثة التي تعرّض خلالها لانتهاك جسيم على يد عناصر من الأمن العام في مدينة حمص، يوم الجمعة 2 أيار 2025.

وقال “الكحيل” إنه كان رفقة خطيبته في جولة بالسيارة، وتوقّفا لبضع دقائق في شارع خالد بن الوليد وسط حمص، المعروف بازدحامه في أيام العطل، وأثناء توقفهما، اقتربت منهما سيارة أمنية تقلّ ستة عناصر، خمسة منهم ملثّمون، وطلبوا أوراق السيارة والهوية الشخصية.

بعد تسليم الأوراق، دار حوار بينه وبين أحد العناصر حول هوية السيدة المرافقة له، وعندما أخبرهم أنها خطيبته، طالبه العنصر بإثبات رسمي لذلك، أجاب الكحيل بأنه لا يحمل سوى خاتم الخطوبة، فما كان من العنصر إلا أن هدده بالاعتقال إذا لم يقدّم إثباتاً واضحاً، قائلاً: “نحن نفعل ما نريد”.

عند هذه النقطة، تدخّل رئيس الدورية، وكان الوحيد غير الملثم، وأكّد على ضرورة إثبات الخطوبة، ما دفع خطيبة الكحيل إلى الاتصال بأحد أقربائها للحضور وتأكيد العلاقة.

الكحيل: رئيس الدورية وجه كلاماً مهيناً لخطيبتي، مهدّداً: «بدي ربيكِ وربي أهلكِ، وأدوس على راسك، وماني مطلّعك من الفرع حتى تتحجبي»

أثناء الانتظار، ظلّ العناصر متجمعين عند نافذة السيارة ينظرون إليهما “بنظرات مستفزة”، بحسب وصف الكحيل، الذي طلب من رئيس الدورية إبعاد العناصر وإغلاق النافذة، ورغم موافقة رئيس الدورية، رفض أحد العناصر ذلك، وتطور الموقف إلى شتائم ومحاولة اعتقال.

الكحيل قال إن خطيبته حاولت تهدئة الموقف إلى حين وصول قريبها، لكن العناصر اتهموهما بأنهما “شبيحة” أو “مكوعين”، مضيفين أن لهم “فضلاً” عليهما لأنهم “حرروهم من النظام السابق”، وفق تعبيرهم، كما وجّه رئيس الدورية كلاماً مهيناً لخطيبته، مهدّداً: «بدي ربيكِ وربي أهلكِ، وأدوس على راسك، وماني مطلّعك من الفرع حتى ».

في أعقاب ذلك، تعرّض الكحيل للضرب على وجهه من قبل ثلاثة عناصر، قبل أن يصل قريب خطيبته، والذي تم توقيفه أيضاً قبل أن يترجّل من سيارته.

نُقل الجميع إلى فرع الأمن الجنائي في حي الوعر، وهناك تم التحقيق مع الكحيل، وُجّهت له تهمة “الاعتداء على دورية أمنية”، وأوضح أنه حاول الدفاع عن نفسه وشرح ما جرى، لكنه وُجه بالإهانات من المحقق، الذي وصفه بأنه “شبيح” وأن النظام السابق كان “داعس عليهم”، مطالباً إياه بالخضوع والاعتذار للعناصر.

رفض الكحيل الاعتذار، فتم سحبه من غرفة التحقيق إلى الخارج، حيث تعرض للضرب مرة أخرى بطريقة وصفها بـ”الهمجية”، قبل أن يُلقى به في درج القبو، ما أسفر عن تدحرجه على السلالم.

أُعيد لاحقاً إلى غرفة التحقيق وأُجبر على الاعتذار لجميع العناصر الذين شاركوا في ضربه، تحت التهديد بتوجيه تهم جنائية قد تفضي إلى السجن لعدة سنوات وغرامات مالية.

خرج الكحيل من الفرع وهو يعاني من إصابة في كفّ يده اليمنى، وثقب في طبلة الأذن اليسرى، وكدمات متعددة، إضافة إلى “جراح نفسية” لم يُشفَ منها بعد، على حد وصفه.

وأكد في ختام بيانه أنه وثّق إصاباته بتقارير طبية في دمشق، داعياً إلى التحقيق الجدي في الحادثة ومحاسبة المتورطين.

الكحيل: ما جرى لا يعبّر عن الجميع لكن لا يمكن السكوت عنه

ووجه عبد الرحمن الكحيل شكره لكل من تضامن معه عقب الحادثة، مؤكداً أن ما يرويه “يأتي في سياق النقد البنّاء” وليس للتعميم على جميع عناصر الأمن العام، بل للإضاءة على حالات “لا يمكن السكوت عنها” بسبب تفشي الصمت حيالها.

وأشار إلى أنه لم يكن ينوي التصريح علناً، لولا صدور بيان رسمي عن الحادثة، رأى فيه رواية “مغلوطة” استوجبت التوضيح.

وبحسب الكحيل، فقد تدخل أعضاء مجلس محافظة حمص بعد علمهم بتفاصيل ما جرى، وبادروا بالاتصال به، وأبدوا استعدادهم الكامل للمساعدة، وجرى عقد اجتماع رسمي بتاريخ 5 أيار 2025، عند الساعة الواحدة بعد الظهر، بحضور ممثلين عن المكتبين الصحفي والقانوني في المجلس، حيث استعرض معهم جميع الانتهاكات التي تعرّض لها بالتفصيل.

طلب منه الأعضاء مرافقتهم إلى فرع الأمن الجنائي لسماع وجهة النظر الأخرى، لكنه رفض ذلك بشكل قاطع، على اعتبار أن الجهة المتهمة بالإساءة لا يمكن أن تكون طرفاً محايداً، ورغم مطالبته بعقد اللقاء في مكان محايد، إلا أن طلبه رُفض من قبل الجهة الأمنية.

أعضاء المجلس ذهبوا بأنفسهم إلى فرع الأمن للاستماع إلى روايتهم، ثم عادوا في الساعة الثالثة من بعد الظهر لعقد اجتماع ثانٍ، أصرّ خلاله الكحيل على مطلبه بإصدار قرار رسمي يمنع تكرار ما جرى معه، ويحمي أي مواطن سوري من التعرض لانتهاك مشابه.

لكن المجلس أوضح أن هذا النوع من القرارات ليس ضمن صلاحياته القانونية، مما دفع الكحيل لتوجيه مناشدة علنية إلى الحكومة السورية، داعياً للنظر في قضيته بجدية واتخاذ إجراءات تحمي كرامة المواطنين، وتردع من يسيء استخدام سلطته.

كما انتقد الرواية الرسمية التي أُشير فيها إلى أن الحادثة بدأت بـ”مخالفة مرورية”، مؤكداً أن عناصر الأمن لم يذكروا وجود أي مخالفة عند توقيفه، ولم يُشر أي منهم إلى عدم وجود “نمرة” على السيارة، رغم أن المركبة مفيمة.

وأضاف: «هل من المعقول أن أتنقّل أسبوعياً بين دمشق وحمص دون نمرة؟ وإن كانت هناك مخالفة مرورية فعلًا، فهل الإجراء القانوني هو اقتيادي إلى فرع الأمن الجنائي، أم حجز السيارة في فرع المرور؟».

وكانت مديرية الإعلام في حمص قالت أن توقيف عبد الرحمن الكحيل جاء بسبب “مخالفة مرورية”، تمثلت بعدم وجود لوحات على المركبة وتعتيم زجاجها، مؤكدة أن طلب الأوراق الثبوتية من الكحيل ومرافقته جاء ضمن “إجراءات أمنية روتينية” للحد من حالات الخطف.

وبحسب البيان، تطور الموقف إلى مشادة كلامية، ما استدعى نقله إلى فرع الأمن الجنائي لمتابعة القضية عبر القضاء المختص.

وأكد رئيس الفرع، وفق المديرية، رفضه لأي تجاوزات تمس كرامة المواطن، والتشديد على محاسبة المخطئين ضمن الأطر القانونية.

تأتي هذه الحادثة بعد أشهر قليلة من وفاة الشاب “” تحت التعذيب، عقب توقيفه من قبل دورية أمنية في حمص نهاية كانون الثاني الماضي، ووفق ما نقلته وكالة “سانا” عن مدير إدارة الأمن العام، فإن طيارة كان مطلوباً بسبب عدم تسوية وضعه القانوني وحيازة أسلحة، وقد تم توقيفه “وفق الإجراءات القانونية”.

لاحقًا، أُعلن عن وفاته نتيجة “تجاوزات من بعض العناصر المكلفة نقله”، وأكدت الإدارة فتح تحقيق رسمي وتوقيف المتورطين وإحالتهم إلى القضاء العسكري، مشددة على “عدم التهاون في محاسبة المسؤولين”.

بين الحادثتين، تتزايد المطالبات بضمانات قانونية واضحة تحمي المواطنين من الانتهاكات الفردية، وتحفظ كرامتهم أمام الجهات الأمنية، في مرحلة حساسة تسعى فيها البلاد لتثبيت الاستقرار وبناء الثقة بين الدولة والمجتمع.

مشاركة المقال: