الخميس, 8 مايو 2025 04:40 AM

تصاعد التوتر بين الهند وباكستان: قصف متبادل ومخاوف من حرب نووية

تصاعد التوتر بين الهند وباكستان: قصف متبادل ومخاوف من حرب نووية

شهدت الصين والهند اليوم الأربعاء عمليات قصف متبادل، طالت بنى تحتية ومناطق مدنية، وسط دعوات أممية لضبط النفس والتهدئة بين الجانبين والحديث عن ضرورة لإنهاء صراع مستمر منذ عام 1947. وتجدد الصراع اليوم بعدما قصفت الهند الليلة الماضية 9 مواقع داخل باكستان قائلة: “إنها بنية تحتية تابعة لإرهابيين مسؤولين عن هجوم مسلح في كشمير الشهر الماضي”. ونقلت وكالة “رويترز” عن متحدث عسكري باكستاني أن القصف تركز في نقاط عديدة عبر الحدود بين البلدين، بينما نقلت الوكالة عن الجيش الهندي مقتل 10 مدنيين وإصابة 35 بالقصف الباكستاني على الشطر الذي تسيطر عليه نيودلهي من كشمير.

ومن جهة أخرى، أكد الناطق باسم الجيش الباكستاني الجنرال أحمد رشيد، مقتل 26 مدنياً وإصابة 46 آخرين في غارات نفذها الجيش الهندي على مرحلتين استهدفت 6 مواقع داخل باكستان. وعلّق المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة على التوترات بقوله: “إن الأمين العام قلق للغاية إزاء العمليات العسكرية في باكستان وفي الشطر الخاضع لإدارة إسلام آباد من كشمير، ويدعو البلدين إلى أقصى درجات ضبط النفس عسكرياً فالعالم لا يستطيع تحمل مواجهة عسكرية بين الجارين النوويين”.

صراع خطير بين جارين نووين: تعود خطورة الصراع بين الهند وباكستان إلى امتلاك الجانبين سلاحاً نووياً، ما جعل الضربة التي استهدفت فيها الهند عمق الأراضي الباكستانية تثير ضجة حول العالم ومخاوف من توسع الأزمة لحرب شاملة. وفي هذا الصدد، أفادت شبكة “CNN” الأمريكية بأن الهند تمتلك 180 رأساً حربياً نووياً مقابل 170 رأساً لجارتها باكستان، أما فيما يتعلق بالقوة التقليدية فإن  الجيش الهندي متفوق على الجيش الباكستاني، إذ تبلغ ميزانية الدفاع الهندية تسعة أضعاف ميزانية باكستان، وفقاً لإصدار هذا العام من “التوازن العسكري”، وهو تقييم للقوات المسلحة أجراه المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية. وتدعم هذه الميزانية قوة هندية عاملة يبلغ قوامها حوالي 1.5 مليون فرد، مقارنة بـ 660 ألف فرد لباكستان.

تاريخ الصراع:  يعود تاريخ الصراع إلى عام 1947 عندما قسّمت بريطانيا، مستعمرتها السابقة الهند، إلى دولتين: باكستان ذات الأغلبية المسلمة، والهند ذات الأغلبية الهندوسية، بينما تُرك مصير كشمير معلقاً. وخلال أشهر قليلة من التقسيم، ادعت كل من الدولتين حقّها في الإقليم، فاندلعت المواجهة العسكرية. واضطر الأمير الهندوسي الذي كان يحكم كشمير، والذي رفض في البداية التنازل عن سيادته، الانضمام إلى الهند مقابل ضمانات أمنية، بعد دخول ميليشيات باكستانية أجزاءً من إقليمه.

في كانون الثاني من عام  1949، انتهت أول حرب بين الهند وباكستان بشأن كشمير بعد تدخل الأمم المتحدة للتوسط في وقف إطلاق النار، بموجب شروط وقف النار، رُسم خط يقسّم الإقليم، فاحتلت الهند نحو ثلثيه، وباكستان الثلث المتبقي، وكان من المقرر أن يكون هذا الخط مؤقتاً إلى حين التوصل إلى تسوية سياسية دائمة. وعام 1965 شنت باكستان هجوماً عبر خط وقف النار في كشمير في آب، وتصاعد القتال سريعاً إلى حرب شاملة، استمرت نحو 3 أسابيع وخلّفت دماراً واسعاً. وفي كانون الثاني 1966، وقّعت الدولتان اتفاقاً لحل الخلافات مستقبلاً بالطرق السلمية، ليتجدد التوتر عام 1971، إذ شنت بنغلادش حرب إقليمية  أدت إلى انفصال عن باكستان، وقررت الأخيرة والهند إعادة النظر في مسألة كشمير العالقة.

وفي كانون الأول 1972، أعلنت الدولتان حلّ الجمود حول خط وقف النار؛ لكنه لم يتغير شيء سوى اسم الخط، فأصبح “خط المراقبة” الرسمي، مع احتفاظ كل من البلدين بالجزء الذي كان يسيطر عليه لأكثر من 20 عاماً. وعام 1987 تفاقمت الاضطرابات جراء خلافات حول انتخابات محلية عُدّت مزوّرة، اتجه بعض الكشميريين إلى العنف المسلح، واتهمت الهند باكستان بدعم هذا التوجه، وسجلت الشرطة في كشمير خلال العقد التالي، عشرات الآلاف من التفجيرات والهجمات بالخناجر وقذائف الهاون والخطف، وفق “نيويورك تايمز” الأمريكية.

وعام 1999 مع اقتراب الألفية الجديدة، بدا أن الهند وباكستان قد تكونان على أعتاب سلام دائم، لكن بعد 3 أشهر، اندلعت الحرب مجدداً، وكانت كشمير نقطة النزاع. وبدأ القتال بعد تسلل مسلحين من باكستان إلى الجزء الخاضع للهند، وأكدت نيودلهي أن هؤلاء المسلحين جنود باكستانيون، بينما نفت باكستان ضلوع قواتها، عادّة أنهم “مقاتلون مستقلون”. وعام 2019 كان آخر تصعيد كبير في 2019، حين قتل تفجير 40 جندياً هندياً على الأقل. وردّاً على ذلك، شنت الهند غارات جوية داخل باكستان، لكن التصعيد توقف قبل تحوّل المواجهة إلى حرب شاملة. وفي أغسطس 2019، ألغت حكومة رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي الوضع الخاص لكشمير، الذي كان مكفولاً في الدستور الهندي منذ انضمام كشمير إلى الهند.

وفي 22 نيسان 2025 أطلق مسلحون النار وقتلوا 26 شخصاً، معظمهم سياح من أنحاء الهند، قرب باهالغام في كشمير، وأُصيب 17 آخرون. وبعد الهجوم فوراً، لمّحت السلطات الهندية إلى دور باكستان، فيما تعهد رئيس الوزراء الهندي مودي بمعاقبة مرتكبي الهجوم ومن يدعمهم، دون ذكر باكستان صراحةً، ونفت إسلام آباد ضلوعها، وأعلنت استعدادها  مع أي تحقيق دولي.

مشاركة المقال: