السبت, 10 مايو 2025 10:30 PM

تصاعد التحريض الطائفي في الجامعات السورية يدفع الطلاب إلى المطالبة بإجراءات حماية

تصاعد التحريض الطائفي في الجامعات السورية يدفع الطلاب إلى المطالبة بإجراءات حماية

السويداء – نورث برس

لم تستطع تهاني إكمال تعليمها، حيث تقطن، فدفعها الخوف للعودة إلى أهلها حيث موطنها الأصلي في السويداء، مع تصاعد وتيرة التحريض الطائفي التي رافقت أحداث جرمانا وأشرفية صحنايا، وما تبعها من توترات. تهاني عامر، طالبة في كلية السياحة بجامعة دمشق، غادرت المدينة الجامعية في دمشق، مع تصاعد وتيرة خطاب الكراهية والتحريض الطائفي ضد طلاب ينحدرون من محافظة السويداء ذات الغالبية الدرزية.

وتفاقمت التوترات الطائفية بعد تسريب صوتي -قيل إنه ملفق على لسان أحد مشايخ الدروز- يحمل إساءة للنبي محمد، في 25 نيسان/أبريل الماضي، ما أدى لاحتقان طائفي في مناطق عدة. ودفع ثمن التسجيل الملفق طلاب من أبناء السويداء يقيمون في المدينة الجامعية بحمص ودمشق واللاذقية، حيث تعرضوا للضرب والاعتداء الجسدي واللفظي.

تجييش وتحريض

دفعت الفوضى وتصاعد الخطاب الطائفي وانتشار الشائعات بتهاني وأقرانها من أبناء السويداء إلى مغادرة السكن الجامعي بدمشق “خوفاً على حياتها”، وفقاً لقولها. وتضيف الشابة أن أهلها “خائفون” عليها في ظل التجييش الطائفي، وسط مخاوف من حرمانها كما باقي أقرانها من التعليم. وتطالب عامر الدولة باتخاذ “إجراءات حقيقية” تضمن سلامة الطلاب، وتحييدهم عن التطورات التي تحصل في البلاد، وتكافح التجييش وخطاب الكراهية.

وأثار تسجيل مرئي يُظهر خروج طلاب السويداء من المدينة الجامعية في دمشق، استياء واستنكار واسع، وسط تساؤلات عن دور الجهات الرسمية بشقيها الأمني والتعليمي. وشهدت جامعات حمص ودمشق واللاذقية وحماة، خلال الأيام العشرة الماضية، عمليات إجلاء لطلاب من السويداء، فيما أعلن الأمن العام عن تأمينه لرحلات تحمل طلاب من أبناء المحافظة.

وفي السياق، أكد مسؤولون سوريون رفضهم القاطع لتحويل الحرم الجامعي إلى ساحة للتجييش الطائفي أو المساس بالسلم الأهلي، بعد تداول مقاطع مصورة تُظهر أفواج من الطلاب وهم يغادرون السكن الجامعي بدمشق. ونفى وزير التعليم العالي، الدكتور مروان الحلبي، صحة ما يتم تداوله، مشيراً إلى أن الفيديوهات المتداولة قديمة ولا تعكس حقيقة الأوضاع الحالية داخل المدن الجامعية. وأكد في تصريحات إعلامية أن الأوضاع مستقرة، ولا يوجد ما يدعو للقلق، وأن الوزارة تعمل على إعادة الطلاب إلى سكنهم الجامعي بشكل آمن.

من جانبه، شدد وزير الإعلام الدكتور حمزة المصطفى على رفضه المطلق لأي محاولات لاستغلال الجامعات في تأجيج النعرات الطائفية أو تهديد الوحدة الوطنية.

مكافحة التحريض .. الدولة مسؤولة

لم تُجبر أريج سليم، طالبة في كلية الإعلام بجامعة دمشق، من قبل ذويها على مغادرة السكن الجامعي في العاصمة السورية، لكن تصاعد التوترات بعد أحداث جامعة حمص، وما شهدته من تهديدات طائفية أجبرها على ترك تعليمها. وتخوفت الفتاة من تكرار السيناريو الذي بدأ في حمص ضد طلاب من أبناء السويداء، فيما ترى أن التصدي للخطاب الطائفي يجب أن يكون أولوية بالنسبة للجامعة وقوات الأمن السورية.

وتأمل أريج أن تعمل الدولة السورية على تحييد الجامعات عن التجييش والتوترات الطائفية، وأن تعزز التلاحم والسلم الأهلي، كون بناء سوريا الجديدة يحتاج إلى قدرات هؤلاء الشباب، على حد تعبيرها. وتطالب سليم بأن تعمل الجامعات السورية على إجراءات من شأنها ضمان سلامة الطلاب، عبر تجريم التجييش الطائفي والتحريض، مشيرةً إلى وجودة فئة تعمل على ذلك، ومحاسبتهم تضمن حقوق الطلاب الآخرين.

من جهته، يرى الدكتور مهيب صالحة، أستاذ الاقتصاد في الجامعة السورية الخاصة، أن هذه الأزمة أثرت بشكل مباشر على التحصيل الأكاديمي والنفسي للطلاب، مشيراً إلى أن “ما حدث في جامعة حمص ترك تداعيات خطيرة على باقي الجامعات، وأدى إلى عودة طلاب السويداء إلى منازلهم، مما أثر على تحصيلهم العلمي ومعدلاتهم الدراسية. الجامعة يجب أن تكون مركزاً للعلم وليس للتجييش الطائفي”.

ويحمّل صالحة الدولة السورية ومجلس الجامعة مسؤولية التصدي للصراعات الطائفية والفصل بين الطلاب، ومحاسبة من يبثون خطاب الكراهية، بفصلهم بشكل نهائي. ويطالب الجامعات السورية باعتبار غياب الطلبة من أبناء السويداء مبرراً، وتعويضهم عن الفاقد التعليمي، مشيراً إلى أن ذلك حصل في الجامعة التي يحاضر فيها.

ويشير إلى أن الطلاب سيعودون إلى جامعاتهم خلال هذا الأسبوع وخلال الأسبوع القادم، بعد تأمين طريق السويداء دمشق، وكذلك السويداء قباقب، وسيسهم تشجيع الطلبة لبعضهم البعض على العودة بشكل كامل.

من جانبه، يطالب الشيخ حمود الحناوي، شيخ عقل طائفة المسلمين الموحدين الدروز، الدولة السورية بتحمل “مسؤوليتها تجاه حماية جميع أبنائها”، ويرى أن “ما حدث في الجامعات السورية مؤسف وغريب على المجتمع السوري”، مضيفاً أنه “على الحكومة حماية جميع المواطنين ومنع الفتن الطائفية التي تهدد وحدة الشعب السوري”.

ودعا إلى ضرورة بناء الثقة لدى الطلاب لعودتهم إلى جامعاتهم، قائلاً: “أبناءنا الطلاب يجب أن يعودوا إلى جامعاتهم، فهم بناة المستقبل، ومن حقهم الحصول على التعليم الآمن”.

رغم كل التحديات، طلاب أن العودة “ممكنة”، في ظل تعاكف وتطمينات حصلوا عليها من زملائهم في مقاعد الدراسة، مشيرين إلى أن توافر الضمانات الأمنية والإجراءات الرادعة سيعزز من دافعهم للعودة.

تحرير: أحمد عثمان

مشاركة المقال: