الثلاثاء, 13 مايو 2025 12:17 AM

الرقة: مزارعون يتحدون الجفاف ويواصلون صيانة الحصادات رغم الخسائر المتزايدة

الرقة: مزارعون يتحدون الجفاف ويواصلون صيانة الحصادات رغم الخسائر المتزايدة

في ظل واقع زراعي مأزوم، يُصر عدد من أصحاب الحصادات في محافظة الرقة على صيانة معداتهم تحضيرًا لموسم الحصاد، رغم تكاليف الصيانة المرتفعة وتراجع المؤشرات الزراعية لهذا العام. وبينما امتنع كثيرون عن تجهيز حصاداتهم بسبب الخسائر المتوقعة، يواصل آخرون تحضيراتهم على أمل تعويض جزء بسيط من الخسائر.

جفاف غير مسبوق وموسم متراجع

يبدأ موسم صيانة الحصادات عادة في منتصف شهر نيسان/ أبريل، حيث يقوم أصحابها بتبديل القطع التالفة وصيانة المحركات، تمهيدًا لانطلاق موسم الحصاد. وفي الظروف الاعتيادية، يبدأ الحصاد من الحقول البعلية في منتصف أيار/ مايو، قبل أن يمتد إلى الحقول المروية في بداية حزيران/ يونيو. لكن الموسم الحالي جاء مختلفًا؛ إذ تسبب الجفاف في تلف شبه كامل للموسم البعلي، ليقتصر الحصاد على بعض الحقول المروية فقط، وهي أقل مساحة وأضعف إنتاجًا. هذا التراجع دفع كثيرًا من أصحاب الحصادات إلى التوقف عن أعمال الصيانة، نظرًا لارتفاع الكلفة وانخفاض جدوى العمل.

أحمد السعيد (40 عامًا)، من مالكي الحصادات، قرر المضي في أعمال الصيانة رغم كل التحديات. وقال في تصريح خاص لـ”سوريا 24″: “لقد بدأت بصيانة حصادتي رغم عدم تفاؤلي بهذا الموسم، إذ بلغت الكلفة نحو ستة آلاف دولار، ولا أعلم إن كان الموسم سيغطي هذه النفقات”. وأضاف السعيد أن أغلب من استمروا في تجهيز معداتهم هذا العام أجروا تعديلات إضافية مثل تركيب محرك ثان في مؤخرة الحصادة لإنتاج التبن بشكل مباشر لتعويض الخسائر. وتابع: “لا أملك مصدر دخل آخر، لذلك مضطر لصيانتها، على أمل أن أحصل على مردود يساعدني في مواجهة الوضع المعيشي الصعب”. كما ناشد السعيد لجنة المحروقات التابعة لمجلس الرقة المدني بزيادة مخصصات مادة المازوت المدعوم لأصحاب الحصادات بهدف تخفيف الأعباء المالية وضمان استمرارية العمل خلال الموسم.

ارتفاع التكاليف يُبعِد أصحاب الحصادات القديمة

في المقابل، قرر حمد العلي (45 عامًا) عدم صيانة حصادته هذا العام. وأوضح أن ارتفاع التكاليف وتراجع خصوبة الأراضي لم يعد يشجع على العمل، خصوصًا مع الاعتماد الأساسي على الحقول البعلية التي لم تُنتج هذا الموسم. وقال: “الحقول المروية الموجودة لا تكفي لتغطية نفقات التشغيل والصيانة”. وأشار العلي إلى أن من قاموا بأعمال الصيانة هم في الغالب أصحاب الحصادات الحديثة، نظرًا لكفاءتها العالية وقلة أعطالها مقارنة بالحصادات القديمة، التي قال إنها “عرضة للتعطل وقد تتوقف في أي لحظة خلال الموسم”.

ويُعد موسم الحصاد حدثًا بالغ الأهمية لسكان محافظة الرقة، حيث يعمل أكثر من 80% منهم في القطاع الزراعي. لكن مع تكرار مواسم الجفاف وغياب الدعم الكافي، باتت مهنة الزراعة مهددة، ويخشى كثيرون من أن تفقد المنطقة تدريجيًا مصدر رزقها الأساسي.

مشاركة المقال: