بعد ساعات قليلة من بدء تشغيل مسار زيارة منطقة أهرام الجيزة، شهدت المنطقة الأثرية حالة من الفوضى والارتباك، ما دفع شركة "أوراسكوم بيراميدز" المسؤولة عن تطوير وتشغيل المشروع، لإصدار بيان لتوضيح أسباب التعثر في اليوم الأول.
يهدف المشروع إلى تحديث تجربة الزيارة في هذا الموقع التراثي العالمي، ومعالجة مشاكل الخدمات والتنظيم ومضايقات الزوار. ويشمل نقل المدخل الرئيسي إلى طريق الفيوم، وإنشاء مركز زوار متكامل، وتطبيق نظام نقل داخلي يعتمد على حافلات كهربائية عبر سبع محطات، وتخصيص منطقة لأصحاب الدواب.
شهد اليوم الأول، 8 أبريل، إخفاقات تمثلت في نقص عدد الحافلات مقارنة بالعدد الكبير للزوار (13,800 زائر)، ما أدى إلى تكدس وتدهور تجربة الزيارة. واحتج أصحاب الدواب بقطع مسار الحافلات، ما أدى إلى شلل المنظومة لساعات.
اتهمت أوراسكوم محافظة الجيزة بتغيير المسار المتفق عليه قبل ساعات من الإطلاق، والأجهزة الأمنية بعدم التدخل. واستجابت وزارة السياحة والآثار بزيادة عدد الحافلات واستخدام حافلات ديزل مؤقتًا، والتأكيد على إعادة أصحاب الدواب لمناطقهم المخصصة.
كشفت الأحداث عن فجوة في التشغيل، ما يثير تساؤلات حول مستقبل المشروع، والمطالب بتحسين تجربة الزيارة، خاصة مع اتفاق الأغلبية على سوء المنظومة القديمة.
لسنوات، عانى زوار الأهرام من الزحام والفوضى، ما استدعى إطلاق مشروع التطوير بالتعاون بين المجلس الأعلى للآثار و"أوراسكوم بيراميدز" التابعة لـ"مجموعة أوراسكوم للاستثمار القابضة" برئاسة نجيب ساويرس.
قبل التشغيل، حذرت نقابة المرشدين السياحيين من عقبات محتملة. ويرى نقيب المرشدين سمير عبد الوهاب أن التطوير يجب أن يراعي طبيعة الموقع الأثري وأهميته التاريخية، ويركز على الهدف الأساسي من الزيارة.
يبدي النقيب تخوفه من أن يعيق المسار الجديد قدرتهم على تقديم تجربة سياحية متكاملة، ويرى أن النظام الجديد يفرض تحديات تعرقل التواصل بين المرشدين والمجموعات السياحية، وقد يجعل كل منطقة أثرية مستقلة عن غيرها.
ويضيف عبد الوهاب أن توزيع المجموعة السياحية على حافلات عدة قد يصعب عملية الشرح والتوجيه، واحتمال وجود مجموعات تتحدث لغات مختلفة في الحافلة نفسها قد يشتت الانتباه ويعيق تقديم شروح متعمقة، كما أن مدة الجولة قد تطول.
ويضيف أن الحافلات الكهربائية قد لا تكون كافية لاستيعاب الأعداد الكبيرة من السياح، ويعرب عن قلقه حيال راحة الزوار بسبب طبيعة الهضبة غير المستوية، وأن المسار يفرض على الزوار قطع مسافة 600 متر سيراً على الأقدام للوصول إلى هرم منكاورع.
يقترح النقيب حلولاً مثل السماح المؤقت بدخول حافلات المجموعات السياحية خلال فترة تجريبية، وإبقاء موقف الحافلات مفتوحاً أمام هرم منكاورع، وفتح موقف جديد للحافلات في منطقة أبو الهول، وتواجد أصحاب الخيول والجمال في منطقة البانوراما.
من جانبه، يبدي الباحث الأثري والمرشد السياحي عزمي سلامة حماساً مشوباً بالقلق، ويقول: "في السابق عانى الزوار مع زيارة الأهرام، مثل الزحام الشديد وسير أصحاب الخيول والجمال على الطرق المخصصة للحافلات".
ويضيف: "أنا معجب بالمسار الجديد، خاصة تخصيص مسار لأصحاب الجمال والخيول، لكن المشكلة في التطبيق".
ويرى سلامة أن "أوراسكوم بيراميدز" ارتكبت أخطاء في اليوم الأول، منها تشغيل 30 حافلة فقط ومنع حافلات شركات السياحة من الدخول، ثم استأجرت حافلات سياحية تقليدية بعد عجز الحافلات الكهربائية عن استيعاب الزوار، وأن الشركة لم تضع آراء المرشدين السياحيين في الاعتبار.
ويوضح نقيب المرشدين أن النقابة قدمت تقريراً مفصلاً قبل عامين، لكن لم تتم دعوتها لحضور اجتماعات لاحقة.
ويرى المرشد السياحي المصري أنه "ثمة ضرورة للسماح لجميع الحافلات السياحية بالدخول إلى المنطقة الأثرية".
من جهته، يقول رئيس لجنة السياحة الخارجية في غرفة شركات السياحة، كريم المنباوي إن "المشروع هو انعكاس لخطة قديمة تم وضعها بالتعاون مع اليونسكو، لا سيما في ما يتعلق باشتراط وجود سيارات كهربائية صديقة للبيئة".
ويكشف المنباوي عن نتائج اجتماع أجرته "أوراسكوم" مع غرفة شركات السياحة، ويقول "أسفر الاجتماع عن السماح لحافلات الشركات السياحية التي تقل أعداداً كبيرة من السياح بالدخول إلى المنطقة الأثرية، مع توفير المزيد من الحافلات صغيرة لتسريع حركة المسار".
ورغم التراجع عن منع دخول الحافلات السياحية التقليدية، يقول المنباوي إن "هذه الخطوة موقتة، وستسحب الحافلات التقليدية تدريجياً، بالتوازي مع زيادة الحافلات الكهربائية".
وبشأن راحة الزوار، يقول المنباوي إن "الحافلات الكهربائية مهيأة لأصحاب الاحتياجات الخاصة، وتقديرات المسافة الطويلة بين محطات التوقف وبعض المواقع الأثرية ليست دقيقة تماماً"، ويتساءل: "هل الحل أن تصل السيارات بالزوار أمام الهرم مباشرة؟! هناك ضرورة للحفاظ على التنظيم والحد من تكدس السيارات داخل منطقة الأهرام".
ويلفت إلى أن "أصحاب الجمال والخيول، مسموح لهم بالتواجد في جميع مناطق توقف الحافلات، وليس في منطقة التريض فقط، لكنهم ممنوعون من السير على الطرق المخصصة للحافلات. اليوم الأول للتشغيل شهد عدم التزام أصحاب الدواب، لكن في اليوم الثاني، تم تدارك الأمر، وبات المشهد حضارياً مقارنة بالوضع القديم".