كشفت مصادر أمنية وعسكرية إسرائيلية واسعة الاطلاع عن فضيحة جديدة تهز إسرائيل، مشيرة إلى أن الجيش الإسرائيلي ترك لحركة حماس في قطاع غزة مواد متفجرة بقيمة عشرات ملايين الدولارات.
ونقلت صحيفة (ذي ماركر) الإسرائيلية عن جنرال في الجيش الإسرائيلي قوله إن "الوضع الذي وصلنا إليه لا يحتمل، فهناك عشرات الأطنان من المواد المتفجرة في القطاع، والتي تنتظر حركة حماس للسيطرة عليها وأخذها كغنائم لمواصلة القتال".
وذكرت المصادر أن سلاح الجو الإسرائيلي، الذي يقصف قطاع غزة منذ أكتوبر 2023، أدى إلى ارتفاع نسبة المواد المتفجرة التي بقيت بعد القصف لحركة حماس، والتي قامت باستخدامها، فيما تبقى القسم الآخر جاهزًا للاستيلاء عليه من قبل مقاتلي الحركة، لافتة إلى أن عدد المواد المتفجرة التي تركها الجيش الإسرائيلي في غزة ارتفع بنسبة عشرين بالمائة، وأن هذه النسبة تعتبر كنزًا ثمينًا لحركة حماس.
وقال الناطق بلسان الجيش الإسرائيلي للصحيفة العبرية إن الجيش يقوم بفحص الظاهرة المقلقة، وأنه لا يملك معلومات دقيقة حول القنابل التي ألقيت من الطائرات ولم تنفجر، وقامت حماس بعد ذلك بالسيطرة عليها.
وفي سياق متصل، زعمت القناة الـ 14 بالتلفزيون الإسرائيلي أن معلومات استخباراتية جديدة كشفت أن قدرات حركة حماس توسعت في تأمين إمدادات السلاح من خارج الأراضي الفلسطينية، عبر شبكة معقدة تمر بثلاث دول عربية هي ليبيا والسودان ومصر، بمساعدة مباشرة من إيران.
وقالت القناة العبرية في تقرير نشرته إن ليبيا، التي تعاني من فوضى أمنية وانقسام سياسي منذ سقوط نظام معمر القذافي عام 2011، تحولت في الفترة الأخيرة إلى "نقطة ارتكاز استراتيجية لحركة حماس"، مؤكدة أن البلاد لم تعد مجرد طريق عبور للمهاجرين أو الجماعات المسلحة، بل أصبحت "قاعدة عمليات خلفية للحركة في أفريقيا".
ووفقًا لمصادر أمنية واستخباراتية نقلت عنها القناة، فإن عناصر حماس أعادوا ترتيب صفوفهم في ليبيا، وبدأوا باستخدام الأراضي الليبية كنقطة انطلاق لتهريب الأسلحة والمعدات التقنية المتطورة، بالتنسيق مع الحرس الثوري الإيراني.
وأضاف التقرير أن تلك الأنشطة تشمل "تجنيد عملاء جدد، وتخطيط لهجمات خارج حدود غزة، ما يمثل تطورًا في نشاط الحركة من طابع محلي إلى إقليمي وربما دولي".
أما السودان، الذي ظل لسنوات ساحة مفتوحة لنشاطات تهريب السلاح، خصوصًا خلال فترة حكم عمر البشير، فقد عاد مجددًا إلى الواجهة كـ "ممر بري للتهريب".
وأوضح التقرير التلفزيوني الإسرائيلي أن عمليات نقل السلاح من ليبيا تمر عبر الأراضي السودانية ثم إلى مصر، حيث تنقل عبر طرق صحراوية معقدة وصولًا إلى غزة.
ولفت التلفزيون الإسرائيلي في تقريره إلى أن إسرائيل تتهم خلايا مدعومة من إيران بإدارة هذه العمليات، مستفيدة من هشاشة الأوضاع الأمنية في السودان وليبيا.
وذكر التقرير أنه رغم الحديث المتكرر عن التنسيق الأمني بين مصر وإسرائيل لمنع تهريب الأسلحة إلى غزة، فإن حركة حماس لا تزال تحاول اختراق الحدود المصرية باستخدام طرق بديلة، غير أن وجود قوات الجيش الإسرائيلي في محور فيلادلفيا، المنطقة العازلة بين مصر وغزة، يظل عائقًا كبيرًا أمام هذه المحاولات.
وأضاف التقرير أن تدفقات الأسلحة تشمل أنواعًا مختلفة من الصواريخ القصيرة المدى، والطائرات المسيرة، وأجهزة اتصال ومراقبة عالية التقنية، ما يعكس تطورًا ملحوظًا في البنية العسكرية لحركة حماس.
وخلص التقرير إلى أن "إيران تسعى إلى توسيع نفوذها خارج ساحات المواجهة التقليدية في لبنان وسورية واليمن، عبر بناء بنية تحتية أمنية وعسكرية في العمق الأفريقي، مستغلة حالة الفوضى التي تعيشها بعض الدول العربية، ومستخدمة وكلاء مثل حماس لتنفيذ أهدافها الاستراتيجية في مواجهة إسرائيل والغرب".
وقال الخبير العسكري د. سعيد محمد، إنه منذ تصاعد العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة في أكتوبر 2023، بدأت وسائل الإعلام الإسرائيلية بالترويج المكثف لما تصفه بخطر تهريب السلاح من شبه جزيرة سيناء إلى غزة، سواء عبر الأنفاق أو من خلال الطائرات المسيرة، مضيفًا أن "هذا التناول الإعلامي المكثف لم يكن معزولًا عن أهداف استراتيجية بعيدة المدى، إذ يأتي في سياق التمهيد الإسرائيلي لإعادة تشكيل الجغرافيا الأمنية والسياسية المحيطة بقطاع غزة، وتحديدًا في منطقة رفح الحدودية".
وتابع أن "إسرائيل تسعى لتوظيف سردية تهريب السلاح كأداة لتبرير إقامة منطقة عازلة ممتدة على طول الحدود مع مصر وتشديد الحصار على قطاع غزة وتحويله إلى كيان مفصول جغرافيًا وعسكريًا، وفرض واقع أمني جديد في رفح يسهل الرقابة ويعقد العلاقة بين غزة وعمقها العربي".