في خطوة أثارت جدلاً واسعاً في الأوساط السورية، أقدم مسلحون مجهولون على تفجير ضريح اللواء "عصام زهر الدين" في محافظة السويداء، ضمن تطورات أمنية متسارعة شهدتها المنطقة مؤخراً عقب حالة من التوتر الشعبي على خلفية فيديو مسيء للدين الإسلامي. الضريح الذي لطالما اعتبره السوريون رمزاً للإجرام الممنهج في عهد بشار الأسد، أُزيل أخيراً بعد مطالبات شعبية مستمرة بإزالة مظاهر تمجيد رموز القتل والتعذيب.
رمز للقتل لا بطل للتحرير
ينحدر عصام زهر الدين من محافظة السويداء، وبرز اسمه كواحد من أشرس ضباط الحرس الجمهوري في قمع الثورة السورية منذ 2011. اشتهر بلقب "أبو المجازر" لما عُرف عنه من وحشية ودموية في حملاته العسكرية، خاصة في حمص ودير الزور. كما ظهر في مقاطع موثقة وهو يقطع أوصال الجثث، وهدد علناً اللاجئين السوريين بكلمات لا تُنسى: "نصيحة من هالدقن، لا ترجعوا".
ضريح مثير للجدل.. وسؤال عن العدالة المؤجلة
رغم مقتله المثير للشكوك في 2017، حيث أعلن النظام أنه قُتل بانفجار لغم في دير الزور، إلا أن مصادر عدة أكدت أنه تعرّض للتصفية من قبل النظام نفسه، بعد أن أصبح عبئاً إعلامياً. في 2021، دشّن النظام ضريحاً لزهر الدين، ضم قاعات لعرض مقتنياته وأسلحته وصوره، في مشهد استفزازي لعائلات آلاف الضحايا الذين لم يعثروا حتى على جثث أبنائهم.
رد شعبي متأخر.. ولكن لا يُنسى
الكاتب والمفكر ماهر شرف الدين، أحد أبناء السويداء، وصف الضريح بـ"اللغم الأخلاقي والسياسي" المزروع في ذاكرة أبناء جبل العرب، مؤكداً أن بقاءه وصمة عار في جبين المنطقة. وأشار إلى ضرورة تحويل موقع الضريح إلى متحف لضحاياه، يحمل اسم "متحف المحرقة السورية – فرع السويداء"، تخليداً لذكرى من سقطوا على يد هذا الضابط الدموي.
دروس من التاريخ: لا مكان لرموز القمع في سوريا الجديدة
تفجير الضريح، وإن جاء بيد مسلحين مجهولين، يُعبّر عن غضب شعبي حقيقي ضد رموز القمع والإجرام، ويعكس وعياً متنامياً لدى أبناء الطائفة الدرزية خاصة، بضرورة تصفية الإرث الدموي الذي خلّفه نظام الأسد. فالمصالحة الوطنية الحقيقية لا تبدأ إلا بعد محاسبة كل المتورطين، وإزالة كل مظاهر تمجيد القتلة من المشهد السوري.
سقوط تمثال آخر من تماثيل الطغيان
سقوط نظام الأسد، أو اقتراب نهايته بحسب مراقبين، يُمهّد الطريق لمسار عدالة طويلة الأمد تبدأ بإزالة رموزه، مروراً بالمحاسبة، وليس انتهاءً بمصالحة حقيقية بين السوريين. والرسالة التي يبعثها تفجير ضريح زهر الدين واضحة: لا قدسية لقاتل، ولا مكان للرموز السوداء في مستقبل سوريا.