خسر "عادل 50 عاماً" مصدر عيشه وممتلكاته التي كانت تعيله مع أسرته في قرية "الصورة الكبرى" بريف "السويداء" الشمالي بعد الهجمات الأخيرة التي تعرّضت لها القرية.
القرية التي وجدت نفسها في خضم المعركة دخلتها مجموعات مسلحة تتنوّع الروايات حول هويتها بين القائلين بأنها "الفصائل المنفلتة" وبين من يقول أنها "فصائل تكفيرية"، لكن النتيجة واحدة في ما آلت إليه صورة القرية بعد دخول المسلحين إليها لفترة وجيزة وخروجهم إثر الاتفاق بين الحكومة السورية ومشايخ العقل ووجهاء "السويداء".
خرج الرجل الخمسيني مع عائلته قبل ساعات قليلة من دخول مجموعات المسلحين ليحمي حياته وحياة أولاده وبناته، ويصف تلك الساعات بالقول أنها كانت أوقات عصيبة لم يتخيل أن يعيشها يوماً، ويضيف «تركنا أرزاقنا وخرجت مع ابني للحاق ببقية الأسرة التي خرجت في الصباح، خرجنا بملابسنا فقط ولم يخطر ببالنا أن المهاجمين سيسرقون البقرة الوحيدة التي أملكها والدراجة النارية القديمة التي أستخدمها كوسيلة للعيش».
"عادل" الذي استقال من وظيفته باكراً لا يملك سوى راتبه التقاعدي كمصدر للعيش، كان قد اشترى دراجة نارية مستعملة وصنع لها سلة بسيطة يحمل فيها أوعية الحليب الذي يجمعه من أهالي قريته ويبيعه في القرى المجاورة، وتمكّن بعد ذلك من جمع ثمن بقرة لتحسين دخله، إلا أن تلك الليلة كانت موعده مع خسارة كل شيء.
وأوضح أن المجموعات التي دخلت القرية سرقت كذلك أغطية وبطانيات وأجهزة إلكترونية وبطاريات صغيرة والكثير من أثاث منزله الذي عاد إليه فوجده شبه فارغ.
وتابع أنه لم يكن الضحية الوحيدة لعمليات النهب، إذ لم تسلم منازل القرية من السرقات بما في ذلك المواشي بأنواعها، وقصف شبكة المياه والهاتف ومحولة الكهرباء.
يقول "عادل" «بعد سرقة البطاريات اتجهت إلى السوق لشراء بطارية لإنارة المنزل فقط، لكن أكبر محل في القرية الذي يملكه شاب لخدمة القرية تعرّض للنهب بالكامل، إضافة إلى سرقة محلات الخضراوات والأدوات المنزلية في مشهدٍ لا يوصف».
من جانب آخر، أحرق المسلحون منازل مدنيين في القرية وسرقوا آليات ودراجات نارية، حيث قال "عادل" أن أهالي القرية خسروا تقريباً كل مصادر عيشهم وممتلكاتهم التي أمضوا أعمارهم لجمعها واختفت بلحظة.
وأسفر الاتفاق بين الحكومة السورية ومشايخ العقل في "السويداء" عن دخول قوات الأمن العام إلى القرية، ثم انتشار عناصر شرطة من فقط فيها لتأمين الأهالي الذين نزحوا عن منازلهم هرباً من الهجمات التي استهدفت قريتهم.
ولجأت أكثر من 50 عائلة من قرية "الصورة الكبرى" إلى مدينة "شهبا" والقرى القريبة منها، ورغم عودة الهدوء النسبي إلى المنطقة إلا أن مقومات العودة للقرية لا تزال غائبة ما اضطر الكثير من النازحين للبحث عن منازل للإيجار وأماكن للإقامة المؤقتة، وسط مطالبات بتعويضات حكومية وتحمّل الدولة مسؤولياتها تجاه المواطنين الذين دفعوا ثمناً للهجمات والانتهاكات التي ارتكبها المسلحون.
يشار إلى أن الهجمات على "جرمانا" و"صحنايا" وريف "السويداء" جاءت بعد تجييش طائفي إثر انتشار مقطع صوتي مسيء للنبي "محمد" تم اتهام أحد مشايخ السويداء بالمسؤولية عنه على الرغم من نفيه لذلك بنفسه ونفي وزارة الداخلية لصحة الاتهام، إلا أن حالة التجييش والحشد الطائفي كانت قد وصلت إلى مستويات مرتفعة وتحوّلت إلى هجمات مسلحة تستهدف المواطنين على أساس طائفي.