جوهانسبرغ-سانا: انطلقت اليوم في مدينة جوهانسبرغ بجنوب إفريقيا أعمال قمة زعماء مجموعة العشرين، بمشاركة ممثلين عن 42 دولة ومؤسسة عالمية، في حدث وصف بالتاريخي.
أكد رئيس جنوب إفريقيا، سيريل رامافوزا، في كلمته خلال الجلسة الافتتاحية، بحسب وكالة فرانس برس، أن القمة تشكل فرصة لتعزيز الشراكة والتعاون بين الدول من أجل التوصل إلى حلول مشتركة للأزمات والمشكلات العالمية، مشدداً على أن التفاهم والتعاون الدولي يمثلان شرطاً أساسياً لتحقيق التنمية المستدامة.
دعوة للعمل المشترك
دعا رامافوزا في كلمته إلى تضافر الجهود لتعزيز التنمية الاقتصادية والحد من مخاطر التغير المناخي، مشيراً إلى ضرورة إطلاق الاستثمارات في البلدان النامية لتحقيق أهداف التنمية المستدامة بحلول عام 2030. كما طالب مؤسسات التنمية الدولية بزيادة الموارد لإغاثة المناطق المنكوبة، والعمل على إنهاء النزاعات المسلحة حول العالم وضرورة وضع حد للفقر والبطالة، وخاصة في دول الجنوب، مؤكداً أن القمة تحمل آمال القارة الإفريقية في تحقيق مستقبل أفضل.
غياب أمريكي
تنعقد قمة العشرين في ظل غياب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، أو أي ممثل عن الولايات المتحدة، حيث أعلن ترامب مقاطعة بلاده للقمة، بذريعة ما وصفه بـ "استمرار الانتهاكات لحقوق الإنسان" من قبل حكومة جنوب إفريقيا. وكان رئيس جنوب إفريقيا قد ذكر خلال مؤتمر صحفي مع قادة بالاتحاد الأوروبي أمس أن الولايات المتحدة طلبت في اللحظات الأخيرة صيغة خاصة للمشاركة في القمة، رغم إعلان الرئيس الأمريكي مقاطعتها، مؤكداً أنه لا يرغب في "تسليم الرئاسة الدورية إلى مقعد فارغ"، في إشارة رمزية تعكس تعقيدات العلاقة بين بريتوريا وواشنطن في ظل انتقادات ترامب.
ورغم المقاطعة، أشارت المتحدثة باسم البيت الأبيض، كارولين ليفيت، إلى أن واشنطن سترسل مسؤولاً لحضور مراسم تسليم رئاسة المجموعة، يُرجّح أن يكون القائم بالأعمال الأمريكي في جوهانسبرغ، مارك دي ديلارد، وذلك من دون مشاركة رسمية في أعمال القمة نفسها. ولفت رامافوزا إلى أن هذه التصريحات الأمريكية "لم تلق ترحيباً"، لكنه شدد على أن بلاده ستواصل العمل على تحسين العلاقات مع واشنطن، معتبراً أن المقاطعة "خسارة لهم".
3 مطالب أممية للقمة
في سياق مؤتمر صحفي عقده قبيل انطلاق القمة، قال الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، إن العالم يواجه "أوقاتاً عصيبة" تتسم بالمعاناة الهائلة نتيجة النزاعات، والفوضى المناخية، وعدم اليقين الاقتصادي، وتزايد الديون، وانهيار المساعدات العالمية، موضحاً أن رسالته لقادة مجموعة العشرين المجتمعين في جوهانسبرغ هي: "حان وقت القيادة والبصيرة".
وأضاف غوتيريش أن دول مجموعة العشرين، بصفتها أكبر اقتصادات العالم، قادرة على التأثير بشكل كبير لتخفيف المعاناة، وضمان تقاسم النمو الاقتصادي على نطاق واسع، ووضع عالمنا على مسار أفضل وأكثر سلماً للمستقبل، مضيفاً أنه سيدعو القادة خلال اجتماعاته إلى استخدام نفوذهم "لقيادة العمل الذي نحتاجه"، ولا سيما في ثلاثة مجالات رئيسية، وهي العمل من أجل السلام، والعمل الاقتصادي، والعمل من أجل المناخ.
تمثيل واسع رغم الغيابات البارزة
إلى جانب الولايات المتحدة، أكدت وزارة الخارجية في جنوب أفريقيا أن 6 رؤساء دول لن يحضروا القمة، لكنهم سيرسلون ممثلين رفيعي المستوى، واصفة نسبة الحضور بأنها "نجاح كبير". ومن أبرز الغائبين عن قمة الـ 20: الرؤساء الصيني شي جين بينغ، وسيمثله رئيس الوزراء لي تشيانغ، والروسي فلاديمير بوتين، والأرجنتيني خافيير ميلي، والنيجيري بولا أحمد تينوبو إضافة إلى رئيسة المكسيك كلوديا شينباوم.
ومن أبرز الحضور الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، ورئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي، والمستشار الألماني فريدريش ميرتس، ورئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، والرئيس البرازيلي لويس ايناسيو لولا دا سيلفا، والرئيس التركي رجب طيب أردوغان، وأمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني ورئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني، ورئيسة الوزراء اليابانية ساناي تاكايشي، ورئيس الوزراء الكندي مارك كارني، ورئيس الوزراء الأسترالي أنتوني ألبانيز. كما يحضر القمة رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي محمود علي يوسف، ورئيس المجلس الأوروبي أنطونيو كوستا، ورئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، والأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش.
مواضيع ساخنة على جدول القمة
تناقش القمة بحسب ما أوضحت جنوب إفريقيا قضايا تمس دول الجنوب العالمي، أبرزها معالجة التفاوتات الاقتصادية وتحسين تمويل التنمية للدول الهشة، وزيادة الإنفاق على تعزيز القدرة على مواجهة الكوارث المناخية، وتحسين إعادة هيكلة الديون وتخفيفها للدول الفقيرة، بالإضافة للعديد من القضايا المتعلقة بالتحديات التي تواجه الاقتصاد العالمي.
عن مجموعة الـ 20
يذكر أن مجموعة الـ 20 تضم 20 عضواً يمثلون أكبر الاقتصادات في العالم، وتأسست عام 1999 عقب الأزمات الاقتصادية نهاية التسعينيات، لتكون منصة اقتصادية غير رسمية تضم أكبر الاقتصادات العالمية، وبعد أزمة 2008 المالية العالمية، تحولت إلى منتدى أساسي بمشاركة قوى صاعدة كالصين والهند حيث باتت تمثل مجتمعة 85 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي وثلثي سكان العالم. وتولت جنوب إفريقيا رئاسة المجموعة في تشرين الثاني 2024 وستسلمها إلى الولايات المتحدة خلال هذه القمة التي تستمر ليومين.