الإثنين, 17 نوفمبر 2025 07:31 PM

تراجع حاد في إنتاج الزيتون بطرطوس للموسم الثالث على التوالي: هل يهدد الاكتفاء الذاتي؟

تراجع حاد في إنتاج الزيتون بطرطوس للموسم الثالث على التوالي: هل يهدد الاكتفاء الذاتي؟

يشهد إنتاج الزيتون في محافظة طرطوس تراجعًا ملحوظًا للموسم الحالي، حيث وصل إلى 25 ألف طن فقط، وفقًا لتصريح مدير زراعة طرطوس، حسن حمادة، في حديث لعنب بلدي. تتضمن هذه الكمية 2500 طن من زيتون المائدة، في حين سيخصص الباقي للعصر. ويُعد هذا الرقم منخفضًا مقارنة بمتوسط الإنتاج السنوي الذي يتراوح بين 175 و200 ألف طن.

أرجع حمادة هذا الانخفاض إلى عدة عوامل، أبرزها الظروف المناخية القاسية، مثل الرياح الشديدة الحارة والجافة التي تعرض لها المحصول خلال فترة الإزهار، بالإضافة إلى قلة الأمطار والجفاف الذي تشهده المنطقة منذ عدة سنوات. وأشار إلى أن هذه العوامل أدت إلى تراجع إنتاج الزيتون للموسم الثالث على التوالي، علمًا أن محافظة طرطوس تضم حوالي 11 مليون شجرة زيتون، منها عشرة ملايين شجرة مثمرة.

وفي استطلاع أجرته عنب بلدي في قريتي بلوزة والعصيبة بريف بانياس، أرجع مزارعون التراجع إلى ارتفاع التكاليف الزراعية، ما منعهم من تنفيذ عمليات التقليم والتسميد الأساسية، وهو ما أثر سلبًا على الإنتاج. وأكد مدير زراعة طرطوس أن قلة الاهتمام بعمليات التسميد والمكافحة، بالإضافة إلى الجفاف، ساهمت بشكل كبير في تدني إنتاج موسم الزيتون.

وأوضح حمادة أن عمليات التقليم والمكافحة والتسميد والري التكميلي خلال شهري تموز وآب تساهم بشكل كبير في زيادة إنتاجية أشجار الزيتون، بالإضافة إلى التطعيم بالأصناف الملائمة.

تبلغ مساحة الأراضي المزروعة بالزيتون في محافظة طرطوس حوالي 75 ألف هكتار، وتمثل مصدر دخل لآلاف الأسر وداعمًا أساسيًا للاقتصاد المحلي. وتنتشر زراعة أشجار الزيتون في مناطق المحافظة كافة، منها 65% من صنف "الدعيبلي"، الذي يتميز بالمعاومة الطويلة، ما يؤدي إلى تقلب الإنتاج من عام لآخر، كما تنتشر أصناف أخرى كـ"الخضيري" و"الصوراني"، بالإضافة لأصناف جديدة مقاومة للأمراض كـ"السكري" و"العيروني".

وحول خطة مديرية الزراعة لاستبدال الأنواع لتكون أكثر ملاءمة لطبيعة ومناخ المنطقة، أوضح حمادة أن إنتاج غراس الزيتون يجري في المركز الزراعي- البيت الزجاجي بأصناف تتناسب مع البيئة الساحلية، وهي: "السكري"، "العيروني"، "الخضيري"، و"الدعيبلي"، مبينًا أنها تتماشى مع طبيعة المنطقة ومناخها.

كما تحدث حمادة عن ضبط عمل المعاصر بالمحافظة من خلال لجنة برئاسة مديرية الزراعة وعضوية كل من البيئة والصناعة والتموين، إذ تقوم باتخاذ الإجراءات اللازمة لناحية ضمان جودة الإنتاج إلى جانب التصرّف بمياه الجفت الناتجة عن عمل المعصرة وتسجيل الضبوط بحق المخالفين عندما يقتضي الأمر.

الاستيراد خيار مطروح

اعتبرَ وزير الزراعة، أمجد بدر، في تصريحات صحفية، أن استيراد زيت الزيتون مطروح كخيار في حال ارتفاع أسعاره على المستهلك وانخفاض توفره في الأسواق المحلية على خلفية تراجع الإنتاج هذا الموسم، موضحًا أن الخطوة تتطلّب تقديم طلبًا رسميًا إلى وزارة الاقتصاد والصناعة.

وأوضح الوزير بدر، أن حماية المستهلك تُعدّ مهمة غير مباشرة لوزارة الزراعة، تمامًا كما هو الحال في حماية المنتج المحلي، على حد قوله.

وتابع الوزير، أن "الزراعة" تتابع حاليًا حجم الإنتاج المطروح في السوق، وعلى ضوء ذلك تتم دراسة إمكانية فتح باب الاستيراد، بينما يُنظر في فتح باب التصدير في حال وجود فائض.

وأكّد بدر أن إنتاج الزيتون وزيت الزيتون تراجع هذا العام، مُشيرًا إلى أنه لا يمكن تحديد نسبة الانخفاض بدقة قبل انتهاء الموسم، قائلًا "قد تكون نسبة التراجع أقل أو أكثر من النصف، ولا يمكن الجزم قبل استكمال عمليات القطاف والعصر".

خطة “طوارئ” لتعافي القطاع

تولي منظمة "فاو" قطاع الزيتون في سوريا اهتمامًا خاصًا، إذ تعمل على إعداد تحليل شامل لسلسلة القيمة الخاصة بالزيتون، وصياغة استراتيجية وطنية تهدف إلى النهوض بالإنتاج وتحسين جودة زيت الزيتون ومنتجاته، لضمان الأمن الغذائي وتحقيق التنمية المُستدامة، بحسب ما قالته مساعدة ممثل منظمة "فاو" في سوريا لشؤون البرامج، هيا أبو عساف.

وفيما يتعلّق بالتعامل مع الأزمات مثل الحرائق والجفاف، كشفت أبو عساف، أن المنظمة أطلقت خطة الطوارئ والتعافي المبكر (2025–2028)، والتي تهدف إلى "تقديم مساعدات عاجلة للمزارعين، تشمل توزيع الشتول والبذار والأعلاف، لتمكينهم من تجاوز الصدمات ومواصلة الإنتاج".

“مكتب الزيتون”: الإنتاج يُغطّي الاحتياج المحلي

مديرة مكتب الزيتون في وزارة الزراعة، عبير جوهر، قالت إن تراجع موسم الزيتون في سوريا لهذا الموسم يقدّر بنحو 40%، إذ تبلغ الكميات المتوقعة حوالي 412 ألف طن من الزيتون على كامل المساحة المزروعة، يخصص منها حوالي 20% لزيتون المائدة، ليُنتج ما يقارب 65 ألف طن من زيت الزيتون.

واعتبرت جوهر أن هذه الكمية كافية لتغطية الاحتياجات المحلية من الزيت، مشددة في الوقت نفسه على أهمية الاستمرار في التصدير إلى الأسواق الخارجية، رغم التحديات والصعوبات التي واجهت دخول الزيت السوري إلى الأسواق العالمية، لافتة إلى أن الحفاظ على حضور الزيت السوري في الأسواق الدولية أمر هام وضروري لدعم الصناعات المحلية المرتبطة به، وضمان استمرارية وجوده.

مشاركة المقال: