يتناول خطيب بدلة ظاهرة منتشرة بين أشباه المثقفين، وهي النظرة التقابلية للمفاهيم، حيث يرى الشخص الأمور إما مع أو ضد. فعند انتقاد الحكومة الحالية، يظهر من يسأل: "يعني نظام الأسد أحسن؟"، وعند انتقاد دكتاتورية صدام حسين، يسأل آخر: "يعني الأمريكان والميليشيات اللي إجوا بعد صدام حسين أحسن؟"
يصف الكاتب هذه الحالة باستخدام مصطلح "أشباه المثقفين"، معتبراً أن المثقف الحقيقي هو المتحرر الليبرالي الذي لا يتحيز لجماعة أو أيديولوجية، ويتبنى مبدأ المواطنة وحقوق الإنسان، ويقف ضد من يعادي الإنسان بغض النظر عن انتمائه. ويضيف أن هذا الصنف نادر في سوريا، ويتمنى أن يعثر على مثقف ليبرالي سوري ليأخذ معه صورة تذكارية.
ويشير إلى أن هذه الازدواجية تجعل أشباه المثقفين يحبون إيران و"حزب الله" لمحاربتهما إسرائيل، ثم يكرهونهما لوقوفهما مع نظام الأسد ضد الثائرين. وتجلت هذه الازدواجية عندما أظهروا امتنانًا لإسرائيل لقهرها إيران و"حزب الله"، ثم عادوا لوضع إسرائيل في خانة العدو الأزلي.
ويؤكد الكاتب أنه يدين إسرائيل بسبب قتلها مدنيين في غزة ومحاولة تهجير سكان فلسطينيين، لكنه يرى أن المثقف الليبرالي أشجع، فهو يدين أيضًا قتل "حماس" لمدنيين إسرائيليين وفلسطينيين معارضين لسياساتها. كما يرفض تهجير المدنيين من قريتي كفرية والفوعة، ويطالب بعودتهم إلى ديارهم، ويخاصم كل أشكال الاعتداء على البشر العزل.
ويرى أن عقل شبه المثقف يشبه خلاط الفواكه، يأخذ الأفكار التي تخدم موقفه المسبق المؤيد للسلطة، ويضع فيه آخر الأحداث، ويخرج بنتائج تريه أن كل ما تفعله السلطة يصب في مصلحة المواطن والوطن. ويرى في السياسة الخارجية للسلطة الحالية نوعًا من الذكاء والحكمة، ولا يسأل عن المقابل والتنازلات التي تقدمها سوريا.
ويختتم الكاتب بأنه يطمح لأن يرتقي أشباه المثقفين بعقولهم ومواقفهم إلى مستوى المثقف الليبرالي، والتخلي عن التلفيق والترقيع وتدوير الزوايا، والانتقال من التفكير الطائفي والعرقي والقبلي والمناطقي إلى التفكير الحر الذي يقف مع الوطن والحرية وحقوق الإنسان.