امتنعت الصين عن التصويت على مشروع قرار في مجلس الأمن يهدف إلى رفع اسم الرئيس السوري في المرحلة الانتقالية، أحمد الشرع، من قوائم العقوبات. بررت الصين موقفها بأن القرار لم يستجب للمبادئ والاعتبارات التي تراها ضرورية لتحقيق الاستقرار في سوريا ومكافحة الإرهاب.
أوضح فو جونغ، المندوب الصيني الدائم لدى الأمم المتحدة، في كلمته أمام مجلس الأمن في 6 تشرين الثاني، أن موقف الصين من العقوبات كان "واضحًا منذ البداية". وأكد أن أي تعديل في نظام العقوبات يجب أن يأخذ في الاعتبار "الوضع الأمني في سوريا، ومكافحة الإرهاب، والتأثيرات المعقدة التي قد تنجم عن أي تغيير، فضلًا عن المصالح طويلة الأمد والاحتياجات الفعلية للشعب السوري".
وأضاف جونغ أن مشروع القرار الأخير "لم يجسّد هذه المبادئ"، مما دفع الصين إلى الامتناع عن التصويت، على الرغم من مشاركتها الفاعلة في المشاورات وتقديمها مع دول أخرى "مقترحات بنّاءة" حول مكافحة الإرهاب والمقاتلين الأجانب.
واتهم المندوب الصيني الجهة الراعية للقرار (الولايات المتحدة الأمريكية) بأنها "أجبرت المجلس على التصويت رغم وجود خلافات كبيرة بين أعضائه، خدمةً لأجندة سياسية خاصة"، معربًا عن "الأسف" لعدم الأخذ بملاحظات الدول الأخرى.
وكان مصدر دبلوماسي قد صرح لموقع "الجزيرة نت" في 6 تشرين الثاني بأن الصين قدمت تعديلات تقترح أيضًا ذكر المقاتلين الأجانب في نص مشروع القرار.
أشار جونغ إلى أن سوريا تمر بمرحلة انتقال سياسي وسط وضع أمني هش ومهمة شاقة في مكافحة الإرهاب، وأن عددًا كبيرًا من "المقاتلين الإرهابيين الأجانب" استغلوا هذا الوضع، مما يشكل تهديدًا خطيرًا للسلام والأمن في سوريا والمنطقة والعالم.
وشدد المندوب الصيني على ضرورة وفاء سوريا بالتزاماتها في مكافحة الإرهاب واتخاذ إجراءات حاسمة للتصدي للأعمال الإرهابية وتهديد المقاتلين الأجانب، بمن فيهم عناصر "الحركة الإسلامية التركستانية الشرقية" (ETIM) الموجودون داخل الأراضي السورية، والذين ينتمون إلى الغالبية الأويغورية الصينية.
وأكد على ضرورة التزام الحكومة في سوريا بواجباتها المتعلقة بمكافحة الإرهاب، عبر اتخاذ خطوات عملية تُظهر تقدّمًا ملموسًا في هذا الملف، بما يسهم في تعزيز ثقة المجتمع الدولي.
وأوضح المندوب الصيني أن أكثر من 160 كيانًا و430 فردًا ما زالوا مدرجين على قائمة مجلس الأمن رقم 1267، وأن التدابير المفروضة عليهم، مثل حظر السفر وتجميد الأصول ومنع توريد الأسلحة، لا تزال سارية المفعول. وأكد أن جميع الدول الأعضاء ملزمة بتنفيذ قرارات المجلس بدقة، ومنع أي منظمة أو كيان أو فرد، بما في ذلك "الحركة الإسلامية التركستانية الشرقية"، من الحصول على الأموال أو الأسلحة أو أي نوع من أشكال الدعم الخارجي الذي يمكن أن يشكل تهديدًا لأمن الدول الأخرى.
يذكر أن "الحركة الإسلامية التركستانية الشرقية" (الحزب الإسلامي التركستاني) هي منظمة تهدف إلى إقامة ما يعرف باسم "تركستان الشرقية" المستقلة في الصين، وتقيم علاقات وثيقة بحركة "طالبان" و"تنظيم القاعدة" و"حركة أوزبكستان الإسلامية" منذ إنشائها. أسسها حسن معصوم، المنحدر من مقاطعة شينجيانغ في الصين، والذي قتل على أيدي جنود باكستانيين في تشرين الأول 2003.
وأكد المندوب الصيني أن الصين ترى أن تطورات الوضع في سوريا تؤثر مباشرة على السلام والاستقرار الإقليميين، مؤكدًا استعداد بلاده للعمل مع المجتمع الدولي لمواصلة لعب دور بنّاء في تحقيق الأمن والاستقرار والتنمية في سوريا في أقرب وقت ممكن.
وفي سياق متصل، أقر مجلس الأمن الدولي، خلال جلسته المعنونة بـ"التهديدات للسلم والأمن الدوليين الناجمة عن الأعمال الإرهابية"، مشروع القرار رقم 2799، القاضي برفع اسم الرئيس السوري أحمد الشرع ووزير الداخلية أنس خطاب من قائمة العقوبات الدولية. حظي القرار بتأييد 14 عضوًا من أصل 15، دون اعتراضات، مع امتناع الصين عن التصويت، ما سمح باعتماده رسميًا.
وقال مبعوث الولايات المتحدة إلى مجلس الأمن إن تبني القرار "يبعث بإشارة سياسية قوية تقرّ بأن سوريا بدأت مرحلة جديدة منذ الإطاحة ببشار الأسد وداعميه، وأن هناك حكومة سورية جديدة بقيادة الرئيس أحمد الشرع تعمل بجدّ للوفاء بالتزاماتها في مكافحة الإرهاب والمخدرات وأي أسلحة كيميائية، إضافة إلى تعزيز الأمن والاستقرار الإقليميين". وأضاف المبعوث أن هذه الخطوة تمثل فرصة حقيقية أمام الشعب السوري، وتتماشى مع ما قاله الرئيس الأمريكي دونالد ترامب سابقًا، أن "أمام سوريا فرصة"، معتبرًا أن رفع الرئيس والوزير من قائمة العقوبات سيساعد على منح السوريين هذه الفرصة.