الجمعة, 7 نوفمبر 2025 10:27 AM

الشرع من البرازيل: شراكات استثمارية لسوريا بدلًا من الاعتماد على المعونات

الشرع من البرازيل: شراكات استثمارية لسوريا بدلًا من الاعتماد على المعونات

دعا الرئيس السوري في المرحلة الانتقالية، أحمد الشرع، المجتمع الدولي إلى التحول نحو الاستثمار في سوريا كبديل عن الاعتماد على المساعدات الإنسانية. وأكد الشرع على استعداد بلاده لتقديم "شراكات بدلًا من طلب المعونات".

وخلال كلمته في مؤتمر قمة المناخ (COP30) المنعقد في مدينة بيليم البرازيلية بتاريخ 6 تشرين الثاني، صرح الشرع بأن سوريا تفتح أبوابها للاستثمار في مجالات واعدة مثل الطاقة المتجددة، والمدن الخضراء المستدامة، والمشاريع الرائدة التي تقوم على الشراكة بين القطاعين العام والخاص، مؤكدًا على وجود بيئة استثمارية محمية بالكامل من قبل الدولة وتشريعاتها.

وأشار الرئيس الشرع إلى أن سوريا تدخل مرحلة جديدة تركز على العمل البيئي والتنمية المستدامة، وذلك في ظل مواجهة البلاد لأسوأ موجة جفاف منذ أكثر من ستة عقود، وتحديات اقتصادية واجتماعية كبيرة، حيث يعيش 90% من السوريين تحت خط الفقر، ويعاني أكثر من 15 مليون شخص من انعدام الأمن الغذائي.

واستهل الشرع كلمته بالإعراب عن شكره للرئيس البرازيلي لولا دا سيلفا وحكومة البرازيل لاستضافة المؤتمر في قلب غابات الأمازون، التي وصفها بأنها "رمز الحياة على كوكبنا"، معتبرًا أن هذا الموقع يمثل دلالة واضحة على "الترابط العميق بين الإنسان والطبيعة".

كما أكد أن سوريا "تجدد التزامها المشترك مع المجتمع الدولي بحماية البيئة والمناخ من أجل مستقبل آمن ومستدام لشعوبنا".

"بلادنا ترحب بالاستثمار في قطاعات الطاقة المتجددة، والمدن الخضراء المستدامة، والمشاريع الرائدة ضمن شراكة بين القطاعين العام والخاص، في ظل بيئة استثمارية تحميها الدولة وتشريعاتها". الرئيس السوري أحمد الشرع

وأوضح الشرع أن سوريا، التي كانت واحة خضراء، قد عانت من آثار التغير المناخي "بأقسى أشكاله"، وواجهت خلال السنوات الماضية "تحديات بيئية مركبة تراكمت آثارها على الإنسان والموارد معاً"، بدءًا من الجفاف المتكرر وتراجع الموارد المائية، مرورًا بتضرر الزراعة والأمن الغذائي، ووصولًا إلى الحرائق والخسائر البيئية الواسعة التي زادها تعقيدًا تضرر البنية التحتية للمياه والطاقة خلال سنوات الحرب.

ووفقًا لمنظمة الأغذية والزراعة (فاو)، تسبب الجفاف والظروف المناخية القاسية وانخفاض معدلات هطول الأمطار وقصر موسم الشتاء الماضي في تضرر نحو 2.5 مليون هكتار من الأراضي المزروعة بالقمح.

وأشار الرئيس إلى أن حركة النزوح الواسعة خلال الحرب أضافت ضغطًا إضافيًا على الموارد والخدمات في المناطق المستضيفة، وأن سوريا شهدت هذا العام أسوأ موجة جفاف منذ أكثر من ستة عقود، مع انخفاض معدلات الأمطار بنسبة 70%، مما حول حقول القمح والأراضي الخصبة إلى أراض قاحلة، بحسب الشرع.

وبحسب تقديرات الأمم المتحدة، كان هناك 6.8 مليون شخص من النازحين داخليًا في سوريا، بعضهم نزح عدة مرات.

وأكد الشرع أن سوريا تدرك حجم التحدي المناخي، لكنها تؤمن بأن إرادة الشعوب قادرة على تجاوزه، معلنًا أن الحكومة السورية تقدم "تصورًا مختلفًا كليًا لإعادة الإعمار"، يقوم على "إعادة تعريف العلاقة بين الإنسان والعمران"، وبناء نظم عمرانية جديدة "عادلة، متكاملة، ومستدامة".

وأضاف أن رؤية سوريا الطموحة تتجسد في خطة لإعادة الإعمار والتعافي التي "بدأنا بتطبيقها عبر سياسات وبرامج عملية ضمن إطار انتقال أخضر واضح"، موضحًا أن سوريا تركز على الطاقة المتجددة، وتأهيل الأنهار بتقنيات ري حديثة، وبناء مدن صديقة للبيئة، وتطبيق خطط زراعية متوافقة مع المناخ، مع جعل "التثقيف البيئي والعمل المجتمعي في صميم الخطط القادمة".

وجدد الشرع التزام سوريا الكامل بالاتفاقيات الدولية، وعلى رأسها اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ، مشيرًا إلى أن موجة الجفاف الأخيرة أظهرت أن "التحديات المناخية عالمية بقدر ما هي محلية".

وأشار الشرع إلى أن الحكومة ستعمل على "تقديم البلاغات الوطنية والمساهمات المحددة وطنيًا وفق المعايير العالمية، واستكمال إجراءات تعيين نقاط الاتصال والمندوبين في الأمانة العامة للاتفاقية".

كما دعا إلى "مدّ أواصر التعاون من الأمازون إلى بردى والفرات"، في إطار ما وصفه بـ"التعاون المتين بين الدول النامية الذي تقوده اليوم البرازيل بكل جدارة".

ما قمة المناخ “COP30”

تشير كلمة “كوب” (COP) إلى مؤتمر الأطراف، وهو الاجتماع السنوي الذي تعقده الأمم المتحدة في إطار اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغيّر المناخ، وفق المعاهدة الدولية التي أُنشئت عام 1992 بهدف تنسيق الجهود العالمية لمواجهة أزمة المناخ. وتضم الاتفاقية اليوم 198 دولة، ما يجعلها واحدة من أكبر الهيئات متعددة الأطراف ضمن منظومة الأمم المتحدة. وتجتمع هذه الدول في مؤتمرات الأطراف سنويًا لبحث سبل الحد من الاحتباس الحراري، وخفض انبعاثات الغازات المسببة له، إضافة إلى دعم الدول والمجتمعات المتأثرة فعليًا بآثار تغيّر المناخ. وبالإضافة لحضور القادة السياسيين إلى المؤتمر، يشارك فيه أيضًا مفاوضون حكوميون وعلماء وممثلون عن السكان الأصليين ونشطاء شباب وصحفيون ومنظمات بيئية، إلى جانب جماعات ضغط وشركات معنية بالطاقة والبيئة. ويُعدّ المؤتمر أحد أكبر المنتديات العالمية، إن لم يكن الوحيد، الذي يجمع أصغر الدول الجزرية وأكبر الاقتصادات في العالم حول طاولة واحدة، في محاولة للتوصل إلى اتفاقات مشتركة تسهم في حماية الكوكب من تداعيات تغيّر المناخ.

مشاركة المقال: