تستهل المرأة مرحلة جديدة في حياتها بعد سن اليأس، تتطلب منها إدراكًا صحيًا متزايدًا، حيث تبدأ التغيرات الهرمونية بالتأثير على وظائف الجسم والمزاج العام، مما يجعل الاهتمام بالتغذية ونمط الحياة الصحي ضرورة ملحة.
حول أهمية التغذية في هذه المرحلة وتعويض النقص في الهرمونات، أوضحت خبيرة التغذية كنانة فادي معقالي لصحيفة "الثورة" أن سن اليأس يبدأ عند النساء عادة بين سن 45 و55 سنة، ويصاحبه تغيرات هرمونية تؤثر على الجسم والمزاج والطاقة العامة، مثل انخفاض الإستروجين وظهور أعراض كالهبات الساخنة، واضطرابات النوم، وزيادة الوزن. وأشارت إلى أن أبرز الأعراض الجسدية التي تظهر في هذه المرحلة تتمثل في اضطراب الدورة الشهرية، والهبات الساخنة، والتعرق الليلي، والأرق، وزيادة الوزن، وتساقط الشعر، وآلام المفاصل والعظام، بالإضافة إلى معاناة المرأة من تقلبات في المزاج، ونقص في الطاقة، وضعف في التركيز، وهي أمور طبيعية ناتجة عن التغيرات الهرمونية.
وبينت معقالي أنه نتيجة لتلك التغيرات الصحية طويلة الأمد، من المهم الانتباه إلى خطر الإصابة بهشاشة العظام، وأمراض القلب والشرايين، وارتفاع الكوليسترول، منوهة أن هذه المضاعفات يمكن التخفيف منها عبر التغذية السليمة.
وأشارت معقالي إلى أنه يتوجب على كل سيدة دخلت في هذه المرحلة أن تعوض نقص الكالسيوم وفيتامين D الضروريين لصحة العظام، حيث يمكن الحصول عليهما من الحليب والسردين، وصفار البيض والتعرض اليومي لأشعة الشمس، مع الحرص على تناول البروتينات مثل الدجاج والبقوليات والذي له دور في الحفاظ على الكتلة العضلية، إضافة لضرورة احتواء الغذاء على الألياف مثل الشوفان والخضار التي تساعد على ضبط الوزن وتنظيم الهضم. أما الدهون الصحية مثل زيت الزيتون والأفوكادو فهي تدعم القلب وتوازن الهرمونات، وتخفف من الهبات الساخنة وتقوي الذاكرة، ونصحت معقالي بضرورة شرب الماء بانتظام وتناول 8 أكواب يومياً لتقليل جفاف البشرة والمهبل، وللمساهمة في التحكم بالوزن.
وبخصوص تناول المكملات الغذائية أوضحت أن "فيتامين D يجب أن يُؤخذ بجرعة وقائية من 800 إلى 1000 وحدة دولية يومياً، وفي حال وجود نقص مثبت يمكن أن تصل الجرعة إلى 2000-5000 وحدة دولية، ويفضل تناوله مع وجبة تحتوي على دهون صحية لتحسين الامتصاص. وأضافت: فيتامين B12 مهم لصحة الأعصاب والدماغ، ويُؤخذ عند وجود أعراض مثل التعب أو التنميل، وينصح بتناول 250-500 ميكروغرام يوميًا عن طريق الفم، أما في حالات النقص المتوسط إلى الشديد، فقد تصل الجرعة إلى 1000 ميكروغرام يومياً أو تُعطى حقن أسبوعية حسب الحالة، ولهذا يجب إجراء تحليل دم لتحديد الجرعة المناسبة.
ولفتت معقالي إلى أن الجرعة الموصى بها من الكالسيوم للنساء فوق سن 50 هي 1200 ملغ يومياً، مؤكدة أنه يفضل الحصول على معظم الكمية من الغذاء، واستخدام المكملات الغذائية فقط لسدّ النقص، منوهة أنه يتوجب شرب كمية كافية من الماء لتجنب ترسب الكالسيوم في الكلى.
ودعت إلى ضرورة تجنب بعض الحلويات والمشروبات الغازية، والأطعمة الحارة، والكافيين، الكحول، والأطعمة المالحة مثل المخللات والشوربات الجاهزة، فجميعها تؤثر سلباً على التوازن الهرموني وتزيد من الأعراض.
وختمت خبيرة التغذية معقالي حديثها بالقول: "الوعي بالتغذية والمكملات هو خطوة أساسية نحو حياة صحية بعد سنّ اليأس، والتوازن هو المفتاح، والمراقبة الطبية الدورية تضمن الاستخدام الآمن والفعال لهذه المكملات، مع ضرورة ممارسة الرياضة، والحصول على نوم كافٍ، ومراجعة الطبيب بشكل منتظم، واعتبار أن هذه المرحلة بداية النضج والتمتع بحياة هادئة".
(أخبار سوريا الوطن2-الثورة)