الإثنين, 3 نوفمبر 2025 10:02 AM

غضب في درعا: فلسطينيون يعترضون على رفع إيجار الأراضي الوقفية في جلين

غضب في درعا: فلسطينيون يعترضون على رفع إيجار الأراضي الوقفية في جلين

درعا – محجوب الحشيش: أثار قرار مديرية الأوقاف في درعا، جنوبي سوريا، برفع قيمة استئجار الأراضي الوقفية في بلدة جلين بالريف الغربي، إلى 250 ألف ليرة سورية سنويًا للدونم الواحد (21 دولارًا)، استياءً واسعًا بين المستأجرين الفلسطينيين. وكانت القيمة سابقًا لا تتجاوز 50 ألف ليرة سورية (أربعة دولارات) في العام الماضي. ويعود سبب الاستياء إلى أن معظم الأراضي تحولت إلى بعلية بعد جفاف مياه الري في المنطقة. تجدر الإشارة إلى أن أراضي بلدة جلين لغير الفلسطينيين ما زالت غير قابلة لـ"التطويب"، وهي أراضٍ وقفية بيعت لهم في ثمانينيات القرن الماضي.

تكلفة مالية وأرض غير مجدية

سمير المصطفى، وهو فلسطيني من سكان مخيم اللاجئين في بلدة جلين، يمتلك 22 دونمًا من الأراضي الوقفية، وأعرب عن عجزه عن دفع المبلغ المترتب عليه، والذي يبلغ 5.5 مليون ليرة سورية. وأوضح أن أرضه الوقفية المزروعة بالزيتون لم تنتج ربع هذا المبلغ. وأشار إلى أن الأوقاف رفعت في البداية قيمة إيجار الدونم الوقفي إلى 500 ألف ليرة، ولكن بعد مطالبات جماعية من وجهاء زاروا مدير الأوقاف أكثر من مرة، تم تخفيضها إلى 250 ألف ليرة سورية للدونم الواحد. وأكد سمير أن الأراضي أصبحت في حكم البعلية، بعد أن كان يسقي أرضه من قساطل سد غربي طفس، ثم من الآبار الخاصة التي جفت مؤخرًا.

من جانبه، يزرع محمد الصالح أرضه الوقفية التي تبلغ مساحتها 20 دونمًا بالقمح والشعير. وذكر أنه اشترى مياهًا بقيمة مليون ليرة سورية لسقاية جزء من أرضه الوقفية خلال الموسم الماضي، في حين تطالبه مديرية الأوقاف حاليًا بمبلغ قدره خمسة ملايين ليرة سورية. وأضاف أنه في حال تخلفه عن الدفع، قد تفسخ مديرية الأوقاف عقدها معه، حيث أبلغ مدير الأوقاف الوجهاء أن التأخير عن دفع المستحقات قد يؤدي إلى فسخ العقود. ويسعى محمد لتأمين المبلغ المطلوب قبل نهاية العام الحالي، لتجنب تأجيل تسديد الديون المترتبة. وأشار إلى أن مديرية الأوقاف رفعت قيمة الإيجار بشكل تدريجي خلال السنوات الماضية، ففي عام 2023، رفع مدير الأوقاف القيمة من 15 ألف ليرة سورية إلى 50 ألف ليرة سورية، ثم رفعتها الحكومة الحالية إلى 250 ألف ليرة سورية. وتبلغ مساحة الأراضي الوقفية المخصصة للفلسطينيين 900 دونم، موزعة بين أراضٍ مروية وبعلية.

ما رد الأوقاف؟

مدير أوقاف درعا، حامد أبازيد، صرح لعنب بلدي بأن ما يتم تداوله حول رفع أجرة استئجار أراضي الوقف إلى 500 ألف ليرة للدونم الواحد غير دقيق، مؤكدًا أن الأجرة المحددة هي 250 ألف ليرة للدونم فقط، بعد أن كانت 50 ألفًا تدفع كل عام. وأوضح أن لجانًا مختصة شكّلتها المديرية أجرت تخمينًا جديدًا وفقًا للقانون الذي يوجب إعادة التخمين كل ثلاث سنوات، وبما ينسجم مع تراجع قيمة العملة المحلية وارتفاع الأسعار الزراعية. وتؤكد المديرية أن التأجير يتم وفق إجراءات نظامية ومزايدات أصولية، تضمن تحقيق مصلحة الوقف ومراعاة أوضاع السكان.

غير مسجلة بالسجل العقاري

تنقسم أراضي جلين إلى قسمين: الأول هو ملك لأهالي البلدة تم استبداله من مديرية الأوقاف، أما القسم الآخر فهو مؤجر للفلسطينيين، الذين لا يستطيعون تملك الأراضي. وتلتزم مديرية الأوقاف بمصطلح "الاستبدال" بدلًا من "البيع"، لأن الأرض الوقفية لا تباع. عوض البيساني، عضو مجلس بلدي سابق في جلين، أفاد بأن أرضه غير مسجلة في السجل العقاري بسبب مخالفة قانونية في شرائها من قبل مديرية الأوقاف عام 1990. وأضاف أن مديرية الأوقاف استولت على الأرض بعد استقلال سوريا عام 1946، وأجّرتها لإقطاعيين تناوبوا على حكم بلدة جلين. وفي عام 1977، التقى عدد من الوجهاء الرئيس السوري الأسبق، حافظ الأسد، وطالبوه بإرجاع الأراضي لسكان البلدة الأصليين. وشكّل الأسد حينها لجنة انتهت إلى أحقية الأوقاف بملكية الأرض، ولكنها أجازت بيعها للسكان بموجب المادة "104" من قانون الأوقاف عام 1960، الذي يجيز استبدال ملكية الأرض بعد دفع أثمانها.

وأوضح أن المدنيين من سكان جلين اشتروا الأراضي وسددوا ثمنها على أقساط استمرت من عام 1980 حتى عام 1990، ولكن لاحقًا ظهرت مخالفة قانونية دفعت وزير الأوقاف لعدم السماح للسكان في نقل الملكية، وهي تجاوز البند الذي يتيح استبدال الأراضي، ولكن بمزاد علني. وبحسب وجهاء من جلين، لا يمكن تطبيق مبدأ المزايدة لأن رؤوس الأموال تنافس بشكل كبير سكان بلدة جلين، وهم بمعظمهم من الطبقة الفقيرة. وسلم الوجهاء الرئيس السوري المخلوع، بشار الأسد، عام 2000، وثيقة طالبوا فيها بمنحهم استثناء من شرط المزاد العلني دون تلقيهم ردًا من قبله. وأشاروا إلى أنهم بصدد مقابلة وزير الأوقاف الحالي، محمد أبو الخير شكري، أو الرئيس السوري في المرحلة الانتقالية، أحمد الشرع، من أجل منحهم هذا الاستثناء و"تطويب" أراضيهم.

تعتبر بلدة جلين بوابة حوض اليرموك من جهة الشرق، وتقع على كتف وادي اليرموك من جهة الشمال، وتبعد عن مدينة درعا ما يقارب 25 كيلومترًا. ويبلغ عدد سكانها 9000 نسمة، يعمل معظمهم بالزراعة وتربية المواشي، وتزدهر فيها صناعة القصب الذي يكثر في وادي اليرموك.

مشاركة المقال: