السبت, 1 نوفمبر 2025 11:23 PM

خطة الحكم الذاتي للصحراء الغربية: هل تنهي عقودًا من الصراع بين المغرب والبوليساريو؟

خطة الحكم الذاتي للصحراء الغربية: هل تنهي عقودًا من الصراع بين المغرب والبوليساريو؟

أصدر مجلس الأمن الدولي قرارًا في 31 أكتوبر/تشرين الأول، يرى أن منح الصحراء الغربية حكمًا ذاتيًا حقيقيًا تحت السيادة المغربية قد يكون "الحل الأمثل" للنزاع المستمر منذ 50 عامًا بين المغرب وجبهة "البوليساريو" المدعومة من الجزائر. يعود هذا الصراع إلى عام 1975، بعد انتهاء الوجود الإسباني في المنطقة.

وبحسب وكالة "رويترز"، دعا القرار الذي صاغته الولايات المتحدة جميع الأطراف إلى الانخراط في مفاوضات بناءً على خطة الحكم الذاتي التي قدمها المغرب لأول مرة إلى الأمم المتحدة عام 2007. يعتبر المغرب الصحراء الغربية جزءًا من أراضيه، بينما تسعى جبهة البوليساريو إلى إقامة دولة مستقلة هناك تحت اسم الجمهورية الصحراوية.

صوتت 11 دولة من أصل 15 دولة عضو في مجلس الأمن لصالح القرار، بينما امتنعت روسيا والصين وباكستان عن التصويت، ولم تشارك الجزائر في التصويت. ينص مقترح الحكم الذاتي المغربي، وفقًا للوكالة، على إنشاء سلطة تشريعية وتنفيذية وقضائية محلية للصحراء الغربية ينتخبها سكانها، مع احتفاظ المغرب بالسلطة على الدفاع والشؤون الخارجية والشؤون الدينية في الصحراء.

مواقف وردود أفعال

أكد ملك المغرب محمد السادس في بيان عقب القرار أن بلاده "على مشارف حل أزمة الصحراء المغربية بعد نحو 50 عامًا من التضحيات"، معتبرًا أن ما جرى "مرحلة فاصلة ومنعطف حاسم" في تاريخ المغرب. واعتبر أن "وقت المغرب الموحد، من طنجة إلى الكويرة، الذي لن يتطاول أحد على حقوقه وعلى حدوده التاريخية، قد حان".

دعا الملك الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون إلى "حوار أخوي صادق" بين المغرب والجزائر من أجل "تجاوز الخلافات وبناء علاقات جديدة".

أكد مندوب الجزائر الدائم لدى الأمم المتحدة، عمار بن جامع، رفض بلاده لمشروع القرار الأخير بشأن تجديد ولاية بعثة الأمم المتحدة لتنظيم الاستفتاء في الصحراء الغربية (المينورسو). وقال إن "الجزائر لم تصوت على مشروع القرار المتعلق بتجديد عهدة بعثة الأمم المتحدة لتنظيم الاستفتاء في الصحراء الغربية (المينورسو)، كونه لا يرقى إلى تطلعات الشعب الصحراوي المشروعة"، وفقًا لوكالة الأنباء الجزائرية.

من جهتها، أكدت "جبهة البوليساريو" في بيان عقب تصويت مجلس الأمن أنها "لن تكون طرفًا في أي عملية سياسية أو مفاوضات تقوم على مقترحات تضفي الشرعية على الاحتلال العسكري المغربي غير الشرعي للصحراء الغربية". كما أن الجبهة لن تكون طرفًا في "حرمان الشعب الصحراوي من حقه غير القابل للتصرف وغير القابل للمساومة أو التقادم في تقرير المصير".

خلفية قضية الصحراء المغربية

منذ عام 1975، يدور صراع بين المغرب وجبهة "البوليساريو" حول إقليم الصحراء الغربية، بدأ بعد إنهاء الاحتلال الإسباني وجوده في المنطقة. تحول الصراع إلى مواجهة مسلحة استمرت حتى عام 1991، وتوقفت بتوقيع اتفاق لوقف إطلاق النار بناءً على اقتراحات الأمين العام المقدمة للأمم المتحدة عام 1988، واعتبر "الكركرات" في الصحراء، حيث كانت تنشط الاشتباكات، منطقة منزوعة السلاح.

أما "البوليساريو" فهي حركة تحررية مغربية أُسست في عام 1973، وتسعى لما تصفه بـ"تحرير الصحراء المغربية" مما تراه "استعمارًا مغربيًا" في المقام الأول، إثر بسط سيطرتها عليها في 1975. وأعلنت الحركة، في 27 فبراير 1976، قيام دولتها تحت اسم "الجمهورية العربية الصحراوية".

لا تعترف الأمم المتحدة بسيادة المغرب على الصحراء المغربية ولا بـ"دولة الجمهورية العربية الصحراوية"، لكنها تعترف بالجبهة كمفاوض للمغرب. في عام 1975، أصدرت محكمة العدل الدولية رأيًا استشاريًا حول الوضع القانوني لإقليم الصحراء، بالقول إنه إبان الاستعمار الإسباني، كانت توجد روابط قانونية بين المغرب والصحراء الغربية، غير أن كل هذه الروابط لا ترقى إلى جواز بسط أي من المغرب أو موريتانيا السيادة على الصحراء.

أسست الأمم المتحدة، في عام 1991، بعثة للاستفتاء في الصحراء المتنازع عليها حول انضمام الصحراء للمغرب، وهو أمر ترفضه "البوليساريو"، وتريد الانفصال عنه وتكوين دولة الصحراء العربية المستقلة، وهي مسألة لا يقبلها المغرب بل يرى فيها خرقًا لسيادته. وأفضت المبادرة حينها إلى وقف إطلاق النار بين الطرفين.

في عام 2016، قدمت 28 دولة إفريقية التماسًا لطرد "الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية" (البوليساريو) من الاتحاد الإفريقي بعد إعلان المغرب عن رغبته في الانضمام إلى الاتحاد الإفريقي بتاريخ 17 يوليو 2016. ولكن الاتحاد لم ينظر في الأمر، وانتهت القمة من دون صدور أي قرار حول موضوع عودة المغرب.

من أبرز الدول التي تعترف بـ"الجمهورية العربية الصحراوية"، والتي يبلغ عددها 30 دولة، الجزائر وموزمبيق وكوريا الشمالية وبنما.

سوريا و"البوليساريو"

توقفت العلاقات بشكل نهائي بين النظام السابق والمغرب منذ يوليو عام 2012، حين تبادل الطرفان طرد السفراء، وعللت الخارجية المغربية، حينها، هذه الخطوة، بفشل الجهود التي بذلتها للتسوية في سوريا، بينما جاءت خطوة النظام السوري السابق على مبدأ "المعاملة بالمثل".

وقبل عام 2012، شاب التوتر العلاقات بين المغرب والنظام السابق، بسبب دعم الأخير لجبهة "البوليساريو"، واعترافه، في 15 أبريل 1980، بـ"الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية"، التي تعدها المغرب "حركة انفصالية تسعى لزعزعة أمن المملكة".

بعد سقوط النظام في 8 كانون الأول 2024، تبادلت دمشق والرباط الرسائل واللقاءات لتثمر المساعي الدبلوماسية، بافتتاح السفارة المغربية في سوريا، في 9 يوليو الماضي، بعد إغلاق دام 13 عامًا. وفي 27 مايو الماضي، أغلقت السلطات السورية المقرات التي كان يشغلها ممثلو جبهة "البوليساريو" بدمشق، بحضور ممثلين عن المغرب، في 27 مايو.

وانتقلت بعثة مشتركة، تضم مسؤولين مغاربة وسوريين، إلى مكتب انفصاليي "البوليساريو"، لمعاينة الإغلاق الفعلي، حسبما نشرته وكالة المغرب العربي للأنباء الرسمية (MAP) حينها. وترى المملكة أنه من خلال هذه الخطوة، تبدي سوريا التزامها باحترام السيادة الوطنية والوحدة الترابية للمملكة، رافضة أي شكل من أشكال الدعم للكيانات الانفصالية، وتعكس الإرادة الراسخة لدى سوريا، لتقوية تعاونها الثنائي مع المغرب وتعزيز الاستقرار الإقليمي.

مشاركة المقال: