الجمعة, 31 أكتوبر 2025 04:52 AM

سوريا: رفع أسعار الكهرباء يهدد بتحويلها إلى رفاهية حصرية للأغنياء

سوريا: رفع أسعار الكهرباء يهدد بتحويلها إلى رفاهية حصرية للأغنياء

أمس، انتشر خبر عن مشروع لاستيراد عدادات كهربائية ذكية، واليوم، ارتفعت أسعار استهلاك الكهرباء بشكل كبير. هذا يشير إلى مرحلة جديدة حيث يتحول المواطن من التقنين الشديد – أربع ساعات كهرباء يوميًا للحي بأكمله – إلى وضع تكون فيه الكهرباء متاحة فقط لمن لديه المال، بينما يُحرم من لا يستطيع شحن العداد الذكي من هذا الحق الأساسي.

صحيح أن استخدام العدادات الذكية إجراء عالمي يهدف إلى تحسين كفاءة التوزيع وترشيد الاستهلاك، خاصة في مجتمع يفتقر إلى ثقافة التوفير. لكن راتب الموظف السوري لا يقارن بمستويات الرواتب في الدول المجاورة أو العالم، مما يجعل تطبيق هذه السياسات دون مراعاة العدالة الاجتماعية أمرًا مقلقًا.

يبدو أن هناك محاولة لنقل التجربة العالمية إلى سوريا دون الأخذ في الاعتبار الفجوة الكبيرة في الدخل، مما يجعل الخدمات متاحة فقط للأثرياء. وقد حذرنا سابقًا من أن العقود المبرمة مع شركات استثمار الكهرباء ستُسترد من جيوب المواطنين، ليس فقط عبر الأرباح، بل أيضًا عبر تحميلهم تكلفة الفاقد الكهربائي، الذي يُقدر بنحو 40% من الاستهلاك، وهو أمر لا يدركه إلا الفنيون في القطاع.

وزارة الكهرباء، عبر منصة “إكس”، أعلنت أن تعديل تعرفة الكهرباء هو خطوة أولى وأساسية في مسار إصلاح المنظومة، معتبرة أن رفع التعرفة مدخل لتحسين كفاءة القطاع وتعزيز استدامته. لكن الغريب أن الشريحة الأولى من الاستهلاك – حتى 300 كيلو واط خلال دورة شهرين – تُسعّر بـ600 ليرة سورية للكيلو واط، وتقول الوزارة إنها مدعومة بنسبة 60%. في الواقع، المواطن كان يدفع أكثر من ذلك سابقًا رغم التقنين، واليوم يدفع ما يعادل 20% من راتبه لهذه الشريحة، التي تُمنح للجميع دون تمييز، ما يعني أن الدعم لا يزال غير موجه بشكل عادل.

أما الشريحة الثانية – أكثر من 300 كيلو واط، وهو الاستهلاك الوسطي لعائلة من خمسة أفراد – فتصل تكلفتها إلى نحو 700 ألف ليرة سورية، أي ما يعادل 70% من الراتب، بينما تشتري الوزارة الطاقة من المنتجين بأقل من نصف هذا السعر.

الحل المقترح: إذا كانت الحكومة تتجه نحو التخلي عن الدعم، فإن الخطوة الأولى يجب أن تكون رفع الرواتب لتتناسب مع تكاليف المعيشة، وتوفير الكهرباء لمدة 8 ساعات يوميًا على الأقل. كما يجب التمييز بين الاستخدام المنزلي والتجاري والصناعي، لأن المواطن الفقير يدفع نفس القيمة التي يدفعها صاحب متجر كبير يستخدم أجهزة كهربائية متعددة.

من الواضح أن الشارع السوري يشعر بالخوف والسخط من هذه القرارات، وقد سارعت بعض الجهات الحكومية لتقديم المبررات. لكن الحقيقة أن المواطن لا يبحث عن تبريرات تقنية أو اقتصادية، بل عن مبرر واحد بسيط: أن لا يكون قادرًا على إشعال الضوء في منزله.

طلال ماضي - اخبار سوريا الوطن ٢- (A2Zsyria

مشاركة المقال: