الجمعة, 31 أكتوبر 2025 04:39 AM

ربلة بريف حمص: تحديات إنتاج الترويت وجهود التعافي بعد سنوات الحرب

ربلة بريف حمص: تحديات إنتاج الترويت وجهود التعافي بعد سنوات الحرب

أكد زكريا فياض، رئيس مجلس بلدية ربلة بريف حمص، في تصريح خاص لـ"سوريا 24"، أن البلدة تشهد استقرارًا أمنيًا واقتصاديًا نسبيًا، رغم التحديات المستمرة المتعلقة بالبنى التحتية والظروف المعيشية والخدمات. وأشار إلى أن عدد سكان البلدة يبلغ حاليًا حوالي 12 ألف نسمة، بالإضافة إلى حوالي 1500 وافد من محافظة الحسكة، أي ما يقارب 450 عائلة، مع تفاوت هذا العدد بين فصلي الصيف والشتاء.

وأوضح فياض أن البلدة تعتمد بشكل كبير على العمالة الزراعية، خاصة في موسم المشمش، مؤكدًا أن هؤلاء العمال يساهمون بفاعلية في إنعاش الاقتصاد المحلي. كما أشار إلى أن حوالي 25% من سكان البلدة هم من المجنسين اللبنانيين، وأن العلاقات الاجتماعية والتاريخية بين السكان تعود لعقود طويلة، حيث توجد عائلات مقيمة في ربلة منذ عام 1920، ويحمل العديد منهم الجنسيتين السورية واللبنانية. وأضاف أن البلدة تضم أراضي واستثمارات تعود لمغتربين، وأن عدد اللبنانيين في ربلة يُقدَّر بنحو 3 آلاف نسمة، في حين يبلغ عدد المجنسين حوالي ألف شخص.

وأكد أن استقرار البلدة يعود جزئيًا إلى عودة عدد من المغتربين، وخاصة من لبنان، إضافة إلى تحويلاتهم المالية التي تسهم في تحسين الوضع الاقتصادي العام. وأشار رئيس البلدية إلى أن ربلة تُعد بلدة تجارية وزراعية، وتُنتج كميات كبيرة من المحاصيل الزراعية، وتشكّل سوقًا مركزية للمنطقة. وتتبع للبلدة عدد من القرى الزراعية مثل: الشيحات، السعيدية، العاطفية، رأس المي، جوس الخراب، جوس العمار، وغيرها.

ولفت إلى أن المغتربين يلعبون دورًا مهمًا في دعم الحالات الإنسانية وفي تحريك الدورة الاقتصادية، إذ تعتمد العديد من العائلات على الحوالات الخارجية التي تصلها، مما ينعكس إيجابًا على النشاط التجاري المحلي.

وفيما يخص نشاطات مجلس البلدية، أكد فياض أن المجلس يركّز على السلم الأهلي ويعتبره أولوية راسخة، وقال: "لم نعد نتحدث عن السلم الأهلي لأنه بات جزءًا من ثقافة البلدة، خاصة بعد التجربة القاسية بين عامي 2009 و2025، حيث واجهنا في بداية الأزمة انعكاسات طائفية، لكن تجاوزناها بوعي الأهالي وتماسكهم". وأضاف أن المجلس يعمل على تحسين البنى التحتية، وخاصة الصرف الصحي، والتزفيت، والإنارة، إضافة إلى تنفيذ مشاريع استثمارية لتعزيز الموارد البلدية. كما نفّذت البلدية حملات نظافة وتشجير لتحسين المشهد العام، مشيرًا إلى أن نسبة الدمار في البنى التحتية بالبلدة تُقدَّر بنحو 50%، إضافة إلى نقص في الخدمات الأساسية كالكهرباء والمياه.

وفيما يتعلق بدعم المنظمات لسكان البلدة، أكد فياض أن منظمات دولية ومحلية دخلت البلدة وقدمت دعمًا ملموسًا، إذ تم ترميم نحو 100 منزل بدعم من منظمة "رعاية الطفل"، التي قدّمت أيضًا خزانات مياه، وترميمات صحية، وسِلالًا منزلية. وأضاف: "أُجري مسح إنساني شامل للمنطقة، وهناك منازل أُعيد تأهيلها بالكامل، وهو ما ساعد في تخفيف معاناة السكان، وخاصة الفئات الأكثر تضررًا".

وأوضح فياض أن بلدة ربلة تُعد المصدر الوحيد في سوريا لأسماك الترويت، وهو نوع من الأسماك من فصيلة السلمون يُعرف باسم "القَرَض"، ويعيش فقط في المياه النظيفة الباردة والجارية، ويُنتَج من ربلة وحدها نحو 200 طن سنويًا، إلى جانب أنواع أخرى مثل الناصري (الكارب) والعشبي. وأشار إلى وجود مزارع نشطة في المنطقة، لكنه لفت إلى صعوبات كبيرة تواجه هذا القطاع، أهمها غياب مصانع أعلاف السمك في سوريا، حيث يتم استيراد الأعلاف من لبنان بتكاليف مرتفعة.

وفيما يتعلق بالوضع الأمني، أكد فياض أن الوضع الأمني في ربلة مستقر تمامًا، ولا توجد أي تجاوزات، مشيدًا بدور الأمن العام في حفظ الاستقرار، وهو ما ينعكس بوضوح على الحركة التجارية والمدارس والأنشطة اليومية. كما أشار إلى أن منطقة ربلة تضم مواقع دينية وسياحية مهمة، من أبرزها مقام النبي إلياس الحي، الذي يُعد مزارًا دينيًا لجميع الطوائف من مسلمين ومسيحيين، ويُقام فيه احتفال كبير في 20 تموز من كل عام. وتضم البلدة أيضًا كنيستين: كنيسة مار إلياس للروم الملكيين الكاثوليك، وكنيسة للموارنة، إضافة إلى مزار السيدة العذراء على نهر العاصي.

ختم رئيس مجلس بلدية ربلة بريف حمص تصريحه بالإشارة إلى أن أبرز التحديات اليوم تتعلّق بظروف البلد الاقتصادية، قائلًا: "نحن بحاجة إلى الصبر والدعم، فالبلد منهك بنسبة دمار تصل إلى 80%، لكننا متفائلون، ونتوقع مستقبلًا أفضل إذا توفرت الإمكانيات، خاصة في مجالات الزراعة والثروة الحيوانية". ودعا الجهات الحكومية إلى تقديم قروض ميسرة، أو إشراف ومشاركة فعلية في دعم مشروعات البلدة الزراعية والاقتصادية.

تقع بلدة ربلة في الريف الجنوبي الغربي لمحافظة حمص، قرب الحدود اللبنانية، وتُعد من البلدات ذات الموقع الاستراتيجي نظرًا لقربها من منطقة القصير ومرور قناة من نهر العاصي فيها. خلال الحرب السورية، تحوّلت ربلة إلى ساحة تماس بين قوات الجيش السوري وفصائل المعارضة المسلحة، خاصة بين عامي 2012 و2013، حيث استخدمتها بعض الفصائل كنقطة عبور لتهريب السلاح والمقاتلين عبر الحدود مع لبنان. ومع تصاعد الاشتباكات في منطقة القصير، دخلت ربلة في دائرة المواجهة، وشهدت قصفًا متقطعًا واشتباكات متفرقة. في مايو/أيار 2013، شنّت قوات النظام عملية عسكرية واسعة بدعم من الميليشيات الموالية له لاستعادة السيطرة على كامل القصير، وتمكّنت من فرض سيطرتها على بلدة ربلة. ورغم استقرار الوضع الأمني لاحقًا، إلا أن البنية التحتية تضررت بنحو 50%، وواجهت البلدة صعوبات كبيرة في الخدمات الأساسية. تصريحات رئيس البلدية اليوم تعكس جهودًا مستمرة لإعادة الإعمار واستعادة النشاط الاقتصادي في بلدة أنهكتها سنوات الحرب.

مشاركة المقال: