الثلاثاء, 28 أكتوبر 2025 09:41 PM

غياب الصحفيات: هل يعكس لقاء درعا نمطاً من التهميش في الإعلام السوري؟

غياب الصحفيات: هل يعكس لقاء درعا نمطاً من التهميش في الإعلام السوري؟

على الرغم من أن النساء يشكلن جزءاً كبيراً من القوى العاملة في قطاع الإعلام السوري، إلا أن تمثيلهن في الفعاليات الرسمية ومواقع صنع القرار لا يزال محدوداً، وفي بعض الأحيان مهمشاً. تجلى ذلك بوضوح في اللقاء الذي جمع قيادات أمنية وإعلاميين محليين في درعا، حيث غابت الصحفيات تماماً.

سناك سوري-خاص

أفاد بيان صادر عن محافظة درعا بأن اللقاء يهدف إلى "تعزيز التنسيق بين الإعلام والمؤسسات الأمنية". ومع ذلك، كشفت الصور المصاحبة للبيان عن غياب كامل للعنصر النسائي، سواء من الصحفيات أو الكوادر الإعلامية العاملة في المحافظة. هذا الغياب، الذي قد يراه البعض مجرد تفصيل بسيط، يعكس واقعاً أعمق يتعلق بمشاركة المرأة في الإعلام الرسمي ودورها في مواقع التأثير واتخاذ القرار. فهل هذا الغياب مجرد صدفة تنظيمية، أم أنه نتاج لبنية إعلامية لا تزال تدار بمنظور ذكوري تقليدي؟

ليست حادثة درعا الأولى من نوعها. فقد تكرر الأمر نفسه خلال لقاء جمع الوزير "حمزة المصطفى" مع إعلاميين في حلب، حيث غابت النساء أيضاً. الأمر الذي دفع إعلاميات حلب إلى إصدار بيان يعبرن فيه عن استنكارهن للتهميش والإقصاء الممنهج الذي تتعرض له الصحفيات في الساحة الإعلامية، خاصة بعد انتشار صورة جمعت الوزير "المصطفى" وعدد من الإعلاميين في "حلب" خلت من أي صحفية.

تكرار هذا الإقصاء للنساء الإعلاميات والصحفيات لا يمكن اعتباره مجرد حالة فردية أو خلل تنظيمي عابر، بل هو مؤشر على نهج مؤسساتي يتجاهل تمثيل النساء في مواقع النقاش والتأثير.

وفي سياق متصل، عقد اتحاد الصحفيين السوريين اجتماعاً في محافظة حماة مؤخراً، جمع عضو المكتب التنفيذي وأمين الشؤون المهنية مع مجلس فرع الاتحاد لمناقشة خطة العمل للمرحلة القادمة واستعراض التحديات. انتهى اللقاء بتكريم أعضاء المجلس تقديراً لجهودهم في خدمة الاتحاد، دون حضور أي صحفية.

تكرار هذا الإقصاء يعكس اختلالاً في مفاهيم الشمول والتوازن الجندري داخل المنظومة الإعلامية الرسمية، ولا يمكن تبريره بقلة عدد النساء العاملات في الإعلام. تشير بيانات غير رسمية إلى أن النساء يشكلن ما بين 40 إلى 60% من الكوادر العاملة في وزارة الإعلام السورية، خاصة في مجالات التقديم والإعداد. لكن المشكلة تكمن في محدودية تمثيلهن في المناصب القيادية، سواء على مستوى الوزارة أو في مؤسسات الإعلام الرسمي كالصحف المركزية والمحلية ووكالة الأنباء السورية.

حتى على مستوى العمل النقابي، يلاحظ غياب النساء. فقد أظهر القرار رقم /53/ الصادر هذا العام عن رئاسة الحكومة المؤقتة أن رئاسة اتحاد الصحفيين وجميع أعضاء مكتبه التنفيذي الحاليين هم من الرجال، بعدما كانت عضوية المكتب التنفيذي تضم ثلاث نساء مقابل ثمانية رجال في دورته السابقة.

تشير بيانات غير رسمية إلى أن النساء يشكلن ما بين 40 إلى 60% من الكوادر العاملة في وزارة الإعلام السورية، لا سيما في مجالات التقديم والإعداد، لكن المشكلة تكمن في أن تمثيلهن بالمناصب القيادية لا يزال محدوداً.

التمثيل الجندري في الإعلام: مسؤولية مشتركة

إن غياب التمثيل النسائي عن لقاء إعلامي محلي يعكس تحديات أعمق تتعلق بكيفية تنظيم الفعاليات الرسمية، ومعايير اختيار المشاركين، ومدى إدراك القائمين على هذه الفعاليات لأهمية شمول النساء في الحضور وصنع القرار الإعلامي. وترى نسويات أن معالجة هذا الخلل تتطلب إرادة مؤسساتية جادة في الاعتراف بدور الإعلاميات كشريكات حقيقيات، قادرات على تقديم الرأي والموقف والمساهمة في نقاشات تتعلق بالمهنة وأخلاقياتها وتحدياتها في الميدان.

وفي الوقت الذي تؤكد فيه الخطابات الرسمية أن "سوريا اليوم تشهد مساحة واسعة للعمل الصحفي الحر والمسؤول"، فإن ضمان هذه المساحة يظل مشروطاً بمدى قدرة النساء على التواجد والمشاركة والتأثير، لا فقط في الصفوف الخلفية، بل في قلب المشهد الإعلامي نفسه.

مشاركة المقال: