الإثنين, 27 أكتوبر 2025 08:16 PM

سوريا تنطلق نحو الإعمار من بوابة مبادرة مستقبل الاستثمار في الرياض

سوريا تنطلق نحو الإعمار من بوابة مبادرة مستقبل الاستثمار في الرياض

تُمثل مشاركة الرئيس أحمد الشرع على رأس وفد رفيع المستوى في النسخة التاسعة من مبادرة مستقبل الاستثمار (FII) التي تستضيفها الرياض، محطة مهمة في مسيرة سوريا سياسياً واقتصادياً. هذه الخطوة تتجاوز البروتوكولات الرسمية لتعكس تحولاً في موقع سوريا من دولة متلقية للمساعدات إلى شريك في الاستثمار والتنمية.

المبادرة، المعروفة بـ "دافوس الصحراء"، أصبحت منصة عالمية بارزة لرسم ملامح الاقتصاد الدولي الجديد، بمشاركة قادة من أكثر من عشرين دولة ومئات من كبار رجال الأعمال وصناديق الاستثمار العالمية. مشاركة سوريا تؤكد عودة دمشق إلى قلب المشهد الاقتصادي الإقليمي بعد سنوات من التحديات التي فرضتها الحرب والعقوبات.

تدرك الحكومة السورية حجم التحديات التي تواجه إعادة الإعمار، والتي تقدر تكلفتها بين 600 و900 مليار دولار، لكنها تعي أيضاً أن جذب الاستثمارات الأجنبية والعربية هو السبيل الأمثل للنهوض بالاقتصاد. مشاركة الرئيس الشرع تحمل رسالة مزدوجة: تأكيد انفتاح سوريا على الشراكات الإقليمية والدولية، وإظهار جدية الإصلاحات الاقتصادية التي أطلقتها الحكومة لتهيئة بيئة استثمارية أكثر جاذبية.

تشير المؤشرات الاقتصادية والسياسية إلى تحول في التفكير السوري الرسمي، حيث تسعى دمشق لتأسيس نموذج شراكة قائم على المنفعة المتبادلة، مستفيدة من موقعها الجغرافي كمحور لوجستي بين آسيا وأوروبا والعالم العربي، ومن إمكاناتها البشرية ومواردها المتنوعة. من المتوقع أن يعرض الرئيس الشرع رؤية سوريا للإعمار والتحول الرقمي والطاقة المتجددة، بما يتماشى مع أهداف التنمية المستدامة.

على الصعيد السياسي، تعتبر الزيارة تتويجاً للتقارب العربي، حيث تعكس دعوة المملكة العربية السعودية للرئيس الشرع إدراكاً إقليمياً لأهمية استقرار سوريا الاقتصادي لاستقرار المنطقة. من المنتظر أن تسفر اللقاءات الثنائية، خاصة بين الرئيس الشرع وولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، عن مرحلة جديدة من التعاون الاقتصادي.

تواجه عملية الإعمار السورية عقبات، فالعقوبات الغربية لا تزال تشكل تحدياً أمام انخراط الشركات الدولية الكبرى. لذلك، يبدو الرهان حالياً على رؤوس الأموال العربية والآسيوية التي يمكن أن تدعم مشاريع البنية التحتية والطاقة والإسكان والخدمات.

مشاركة سوريا في مبادرة مستقبل الاستثمار ليست مجرد حدث عابر، بل هي لحظة تأسيسية لاستعادة الثقة الدولية بالاقتصاد السوري. هذه الخطوة، إذا استُثمرت بشكل جيد عبر تقديم ضمانات للمستثمرين وتبني إصلاحات قانونية ومؤسساتية، قد تكون نقطة انطلاق حقيقية نحو الإعمار والنمو.

الوطن

مشاركة المقال: