تأتي المشاركة السورية في مبادرة مستقبل الاستثمار، المعروفة بـ "دافوس الصحراء Davos in the desert" نظرًا لأهميتها الاقتصادية العالمية، كخطوة مهمة نحو الانفتاح والتشارك الاقتصادي. يهدف هذا المنتدى إلى تحديد ملامح الاقتصاد العالمي للعقود القادمة، ويُعد ملتقى للاقتصاديين والخبراء ورجال الأعمال من جميع أنحاء العالم.
يرى الخبير الاقتصادي فاخر القربي أن انعقاد هذه النسخة التاسعة من المؤتمر ضروري لصياغة حوارات استراتيجية واستكشاف فرص اقتصادية غير مسبوقة. لقد تحول المؤتمر إلى منصة مؤثرة في رسم مسارات الاستثمار والابتكار والسياسة الدولية، وأصبح ملتقى يربط الشرق بالغرب، ويضع الجمهورية العربية السورية في قلب التحولات الاقتصادية، مما يمكنها من كسر عزلتها الاقتصادية وإقامة علاقات اقتصادية متينة.
يمتد برنامج المؤتمر على مدى أربعة أيام، ويعكس، بحسب تحليل القربي، فلسفة المؤتمر التي تجمع بين العمق الفكري والحركية العملية، بحيث يتحول النقاش إلى صفقات ملموسة. يدور الموضوع الرئيس للنسخة التاسعة حول "تناقضات الابتكار"، وهو مفهوم يعكس التوترات التي يواجهها العالم اليوم، والتي يجب الاستفادة منها في رسم السياسات المستقبلية. وتتمثل هذه التناقضات في:
- الذكاء الاصطناعي والتقنيات الناشئة: تعتبرها سورية فرصة للنمو، مع ضرورة العمل على إدارة مخاطرها على الوظائف والأمن الجيوسياسي.
- الاقتصاد: وكيف يمكن لسورية الحفاظ على سلاسل إمداد مستقرة في ظل الصراعات الدولية والحروب التجارية.
- الروبوتات والإنتاجية: هل ستسهم في تحسين حياة الشعب السوري وهل سوف تحسن حياة الشعوب أم تزيد من الفجوة بين الدول الغنية والفقيرة.
- الاستدامة مقابل النمو: كيف يمكن تحقيق التوازن بين التنمية الاقتصادية وحماية البيئة.
يسعى المؤتمر من خلال هذه المحاور إلى تحويل التناقضات إلى فرص، وصياغة حلول عملية تعزز التعاون الدولي.
يوضح القربي أن استضافة السعودية لهذا الحدث تتجاوز مجرد تنظيم مؤتمر، بل هي رسالة للعالم بأن المملكة تتحول إلى وجهة جاذبة للاستثمار الدولي. لقد تحولت مبادرة مستقبل الاستثمار إلى منصة للإعلان عن صفقات كبرى في مجالات الطاقة والتقنية والسياحة والصحة والذكاء الاصطناعي، مما ينقل السعودية إلى حالة الريادة في المجال الاستثماري والتنموي.
تأتي المشاركة السورية لتضع بصمتها الإبداعية في سبيل تحقيق المصالح المشتركة لجميع الأطراف المشاركة. يتميز المؤتمر بتنوع كبير في الحضور، حيث من المتوقع أن يجتمع في الرياض رؤساء دول وحكومات، ووزراء مالية واقتصاد وتجارة، وقادة شركات كبرى في التكنولوجيا والطاقة والصناعة والخدمات المالية، بالإضافة إلى مستثمرين من صناديق سيادية وشركات رأس المال الجريء، ومفكرين وخبراء أكاديميين من جامعات عالمية. هذا المزيج الفريد يجعل FII منصة لا تضاهيها مؤتمرات أخرى، حيث تلتقي السياسة بالاقتصاد والتكنولوجيا بالثقافة والرؤية المستقبلية بالواقع العملي.
إلى جانب الطابع الاقتصادي، اكتسب المؤتمر بعدًا إعلاميًا وثقافيًا مهمًا، حيث يحظى بتغطية مكثفة من كبرى القنوات والصحف العالمية، مما يضع السعودية في دائرة الضوء كدولة منفتحة على العالم وتشارك في صياغة المستقبل. كما أن الهوية البصرية للمؤتمر وشعاره "مفتاح الازدهار" يحملان رسائل رمزية، فالسعودية تقدم نفسها كمفتاح لحلول عالمية لا مجرد دولة تسعى لجذب الاستثمارات.
يوفر حضور مبادرة مستقبل الاستثمار للمستثمرين ورواد الأعمال فرصة فريدة للتواصل مع صناع القرار العالميين واستكشاف قطاعات جديدة في السعودية والمنطقة. يمنح المؤتمر قراءة معمقة لمستقبل الأسواق العالمية وكيفية تشكل التحالفات الاقتصادية في ظل التحديات الراهنة، مما يعطي دافعًا حقيقيًا لسورية لترسيخ العلاقات الاقتصادية مع كبرى الدول الاقتصادية.
يختم القربي بالقول إن مؤتمر مبادرة مستقبل الاستثمار ليس مجرد حدث سعودي، بل هو منصة عالمية لتشكيل مستقبل الاقتصاد. ستكون النسخة التاسعة في أكتوبر 2025 شاهدة على كيفية تفاعل قادة العالم مع "تناقضات الابتكار" وعلى قدرة الرياض في جمع العالم حول طاولة واحدة للبحث عن حلول مشتركة. وبينما ينشغل البعض بمخاوف من أزمات اقتصادية أو اضطرابات جيوسياسية، يأتي هذا المؤتمر ليؤكد أن العالم ما زال قادرًا على الالتقاء والتعاون، وأن الازدهار ممكن إذا ما امتلكنا "المفتاح" الصحيح. ويجب على سورية الخروج من هذا المؤتمر بمسار اقتصادي يجعلها في مصاف الدول الاقتصادية المتقدمة.
(اخبار سوريا الوطن 2-الحرية)