الخميس, 23 أكتوبر 2025 05:12 PM

التأمينات الاجتماعية في سوريا تفتح ملفات فساد ضخمة وتؤكد: لن يفلت أحد من المحاسبة

التأمينات الاجتماعية في سوريا تفتح ملفات فساد ضخمة وتؤكد: لن يفلت أحد من المحاسبة

في خطوة لافتة، بدأت المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية في سوريا عملية تدقيق شاملة لجميع ملفاتها المالية والإدارية، وذلك ضمن إطار حملة مكافحة الفساد وإصلاح المؤسسة. وتأتي هذه الخطوة، التي وُصفت بأنها "مرحلة تصحيح تاريخية"، بعد سنوات من التجاوزات التي أضرت بموارد المؤسسة وحقوق المؤمَّن عليهم.

حجم الفساد فاق التوقعات

أكد مدير عام المؤسسة، حسن خطيب، في تصريح لوكالة “سانا”، أن نتائج التدقيق الأولي كشفت عن وجود حالات فساد وتلاعب مالي وإداري واسعة النطاق، مما أضعف موارد المؤسسة وعرقل تطوير خدماتها. ومن بين أبرز الاكتشافات، صرف معاشات مكررة، وأخطاء كبيرة في احتساب التراكمات المالية، وتمديد حسابات مالية حتى عام 2300 ميلادي، وهي مؤشرات تدل على حجم التلاعب في النظام المالي القديم.

كما كشف التدقيق عن صرف معاشات لأشخاص متوفين، وتحريك حسابات بناءً على وكالات غائبة تمثل عن متوفين، بالإضافة إلى التهرب من تنفيذ الإنذارات والحجوزات القانونية، ووجود شبكات علاقات فاسدة كانت تعيق عمل اللجان الرقابية والمفتشين، وتمنع الوصول إلى الحقائق داخل المؤسسة.

وأشار خطيب إلى أن بعض المفتشين، خاصة في ظل النظام السابق، امتنعوا عن دخول منشآت معينة أو تغاضوا عن مخالفاتها بسبب ضغوط أو مصالح شخصية، مما حرم العديد من العمال من حقوقهم التأمينية، وتسبب في تسجيل بيانات غير دقيقة عن فترات عملهم.

لجان تحقيق وتنسيق قضائي لمحاسبة المتورطين

أوضح مدير المؤسسة أن العمل جارٍ حالياً على معالجة هذه الملفات بجدية وشفافية، من خلال لجان تدقيق متخصصة بالتنسيق مع الجهات الرقابية والقضائية. وشدد على أن جميع المتورطين سيخضعون للمساءلة وفقاً للقوانين، وأن الحقوق العامة لن تسقط بالتقادم، مؤكداً نية الحكومة استعادة الأموال المهدورة ومحاسبة جميع المتورطين، بغض النظر عن مناصبهم.

وفي إطار خطة لإصلاح إلكتروني تهدف إلى بناء الثقة ومكافحة التلاعب، أطلقت المؤسسة خطة إصلاح شاملة تهدف إلى "إعادة بناء الثقة مع المواطنين وترسيخ مبادئ الحوكمة الرشيدة"، وذلك في إطار الإصلاح المؤسسي. وتشمل الخطة تحديث الأنظمة الإلكترونية وربط الفروع بقاعدة بيانات مركزية، واعتماد آليات رقابة رقمية متقدمة، مما يسمح بتتبع فوري لكل عملية مالية أو إدارية، ويقلل من احتمالات التلاعب والتزوير.

ودعت المؤسسة المواطنين إلى الإبلاغ عن أي حالة فساد أو ابتزاز عبر الرقم المخصص للشكاوى (0949747891)، مؤكدة أن البلاغات ستُعامل بسرية تامة، وأنه لن يتم التسامح مع أي مظهر من مظاهر الفساد أو الاستغلال.

يأتي ذلك في ظل تحول في النهج الحكومي نحو المساءلة والشفافية، خاصة في القطاعات المالية التي ترتبط مباشرة بحقوق المواطنين. ويبدو أن حجم الفساد المكتشف يعكس عمق التدهور الإداري الذي خلفته السنوات الماضية، في حين تمثل عملية المراجعة الجارية اختباراً حقيقياً لمدى جدية الدولة في مواجهة الفساد المؤسساتي.

مشاركة المقال: