صرح المبعوث الأمريكي إلى سوريا، توم براك، بأن سوريا لا تزال تمثل حجر الزاوية المفقود لتحقيق السلام الشامل في منطقة الشرق الأوسط. وأشار إلى أن اتفاق غزة يمثل تطورًا هامًا في الدبلوماسية الحديثة بالشرق الأوسط، تجسد في اجتماع قادة العالم بمصر بهدف وقف إطلاق النار وبدء محادثات السلام.
وفي مقال نشره على حسابه في منصة "إكس"، أوضح براك أن سوريا، بعد سنوات من الحرب المدمرة، تمثل اختبارًا حقيقيًا لقدرة النظام الإقليمي الجديد على الصمود. وأكد أنه على الرغم من التقدم المحرز، لا يزال السلام غائبًا عن سوريا، وأنه لا يمكن تحقيق سلام دائم في المنطقة بينما إحدى أقدم الحضارات في العالم تعاني من الدمار.
وأشار براك إلى أن قمة السلام في غزة لم تكن مجرد حدث رمزي، بل كانت بمثابة بداية لعهد جديد من التعاون القائم على تكامل الطاقة والترابط الاقتصادي والطموحات الإنسانية المشتركة. وأكد على ضرورة توسيع نطاق الحوار ليشمل سوريا ولبنان.
كما أعرب براك عن اعتقاده بأن الخطوات التي اتخذتها سوريا نحو اتفاق حدودي (في إشارة إلى اتفاق أمني مع إسرائيل) والتعاون المستقبلي المحتمل، تمثل خطوات أولى نحو تأمين الحدود الشمالية لإسرائيل، وأن نزع سلاح "حزب الله" يجب أن يكون الخطوة التالية. وأضاف أن استقرار دمشق سيزيد من عزلة "حزب الله"، مؤكدًا أن سوريا ولبنان هما الركيزتان الأساسيتان لتحقيق السلام في بلاد الشام.
وفيما يتعلق بالعقوبات الأمريكية المفروضة على سوريا، أكد براك على أهمية رفعها من أجل دعم جهود إعادة الإعمار. وأشار إلى أن الرئيس ترامب ومجلس الشيوخ قد أظهرا شجاعة في هذا الصدد، ودعا مجلس النواب إلى استكمال هذه الخطوة من خلال إلغاء العقوبات، مؤكدًا أن ذلك لا يعني نسيان الماضي، بل إعادة صياغته وبناء مستقبل جديد.
وشدد براك على أن إلغاء العقوبات ليس مجرد إجراء رمزي، بل هو استراتيجية تهدف إلى إطلاق العنان لقدرات الحلفاء والمستثمرين من القطاع الخاص للمساهمة في إعادة بناء البنية التحتية في سوريا، مثل شبكات الكهرباء وأنظمة المياه والمدارس والمستشفيات.
وأشار إلى أن إعلان ترامب رفع العقوبات وقرار إلغاء معظم العقوبات المفروضة على سوريا، اعتبارًا من 1 تموز الماضي، قد حول السياسة الأمريكية من العقاب إلى الشراكة، مما يشجع المستثمرين والحلفاء على المشاركة في إعادة البناء.
وبرر براك دوافع رفع العقوبات بأن سوريا بعد 8 من كانون الأول 2024، ومع تنصيب حكومة سورية جديدة، لم تعد "سوريا 2019"، وأن القيادة السورية قد شرعت في المصالحة واستعادة العلاقات مع دول المنطقة، بل وانخرطت في مناقشات حدودية مع إسرائيل. وأكد أن العقوبات المستمرة تعاقب المدنيين السوريين الذين يحتاجون إلى المساعدة في إعادة بناء بلادهم.
وأشار إلى أن 26 من كبار رجال الدين المسيحيين في سوريا قد ناشدوا الكونجرس إنهاء العقوبات، محذرين من أنها أصبحت أحد الأسباب الرئيسية لتقلص الوجود المسيحي في البلاد.
وفي سياق متصل، نظر مجلس الأمن الدولي في مشروع قرار يهدف إلى تخفيف العقوبات المفروضة على سوريا وعلى الرئيس السوري، أحمد الشرع ووزير الداخلية أنس خطاب، بمسعى أمريكي وارتياح من قبل الصين للمشروع المقترح.
وفي مقابلة مع شبكة "روداو"، أعرب براك عن تفاؤله بشأن إمكانية دمج "قوات سوريا الديمقراطية" (قسد) في أنظمة الدفاع السورية الجديدة، وبشأن تحقيق التطلعات الكردية لمزيد من الحكم الذاتي. واعتبر أن الحكومة السورية الجديدة تعترف بحقوق الأقليات الثقافية والدينية، مؤكدًا على أهمية عدم اعتبار أي مكون من مكونات المجتمع السوري طبقة ثانوية.
وأشار براك إلى أن "ما حدث في السويداء كان مبكرًا ومؤسفًا"، لكنه شدد على وجود جهود مشتركة لحل الأزمة.