السبت, 18 أكتوبر 2025 11:51 PM

هل يعرفون شيئًا لا نعرفه؟ أثرياء التكنولوجيا يستعدون لنهاية العالم بمخابئ سرية

هل يعرفون شيئًا لا نعرفه؟ أثرياء التكنولوجيا يستعدون لنهاية العالم بمخابئ سرية

بينما يركز العالم على تطورات الذكاء الاصطناعي، ينشغل بعض رواد التكنولوجيا بهاجس مختلف تمامًا: الخوف من نهاية العالم. وفقًا لتقرير لهيئة الإذاعة البريطانية (BBC)، بدأ عدد من أثرياء وادي السيليكون في بناء ملاجئ ومخابئ سرية تحت الأرض، استعدادًا لأي سيناريو كارثي يهدد الحياة على سطح الأرض.

تكشف BBC أن هذه الموجة تشمل أسماء بارزة مثل مارك زوكربيرغ، المدير التنفيذي لشركة “ميتا”، الذي يمتلك منشأتين ضخمتين تحت الأرض، الأولى في جزيرة كاواي الهادوية المعروفة باسم كولاو رانش، والثانية في حي بالو ألتو بولاية كاليفورنيا.

يشاركهم في هذا الاتجاه ريد هوفمان، المؤسس المشارك لـ”لينكد إن”، الذي تحدث علنًا عن امتلاك ملجأ خاص تحسبًا لأي أزمة، مشيرًا إلى أن نحو نصف أثرياء العالم اتخذوا خطوة مماثلة.

لكن ما الذي يدفع هؤلاء، الذين صنعوا المستقبل بتقنياتهم، إلى الخوف من هذا المستقبل نفسه؟

سباق نحو الملاجئ

بحسب التقرير، فإن فكرة “الملاذ الآمن” أصبحت هوسًا عالميًا بين كبار المستثمرين في الذكاء الاصطناعي.

فقد اقترح إيليا سوتسكيفر، كبير العلماء في شركة “أوبن إيه آي”، على زملائه فكرة بناء مخبأ تحت الأرض لحماية العلماء في حال الوصول إلى مرحلة الذكاء الاصطناعي العام (AGI)، وهي المرحلة التي يرى أنها باتت قريبة جدًا.

كان سام ألتمان قد تكهن مازحًا بأنه قد ينضم إلى المستثمر بيتر ثيل في عقار ناءٍ بنيوزيلندا إذا وقعت كارثة عالمية.

بدأ مارك زوكربيرغ العمل على مشروعه المعروف باسم Koolau Ranch منذ عام 2014، وهو مجمع ضخم تبلغ مساحته نحو 1,400 فدان (حوالي 5.7 كيلومترات مربعة) في جزيرة كاواي بهاواي.

يتضمن المشروع منشأة تحت الأرض تُقدّر مساحتها بنحو 5,000 قدم مربع (حوالي 465 مترًا مربعًا)، ويُعتقد أنها تحتوي على ملجأ صغير مزوّد بأنظمة طاقة وغذاء ذاتية.

أفادت مجلة Wired بأن العمال في الموقع وُقّعوا على اتفاقات عدم إفشاء (NDA) تمنعهم من التحدث عن تفاصيل المشروع، بينما يحيط جدار بارتفاع ستة أقدام بالمكان، ما يمنع رؤيته من الطريق القريب.

عندما سُئل زوكربيرغ العام الماضي إن كان يبني “ملجأً ليوم القيامة”، أجاب بـ”لا” قاطع، موضحًا أن المساحة تحت الأرض “مجرد قبو صغير، مثل الطابق السفلي”.

أما إيلون ماسك، فيتخذ، بحسب مراقبين، مسارًا مختلفًا تمامًا عن غيره من رواد التقنية؛ إذ يركز على الهروب إلى الفضاء باعتباره خيارًا استراتيجيًا للبقاء على المدى البعيد.

ويقدر هؤلاء المراقبون أن ماسك يرى في استعمار الكواكب الأخرى، وعلى رأسها المريخ، وسيلةً لحماية الجنس البشري من أي تهديد محتمل على الأرض — وهي رؤية تتماشى مع مشاريعه في شركة “سبايس إكس”، وإن لم يتناولها تقرير BBC صراحةً.

ذكاء اصطناعي أم تهديد وجودي؟

وراء هذا القلق المتنامي يكمن الخوف من الذكاء الاصطناعي العام، التقنية التي قد تتجاوز قدرات البشر وتصبح غير قابلة للسيطرة.

بحسب ما نقلته BBC، يرى عدد من الباحثين أن تطوير هذه التقنية قد يقود إلى “نقطة التفرد” (Singularity)، وهو المفهوم الذي طرحه العالم جون فون نيومان عام 1958 عندما حذر من لحظة يصبح فيها الذكاء الآلي قادرًا على إعادة تشكيل العالم من دون تدخل بشري.

يرى البعض، مثل إيلون ماسك، أن هذه التقنيات قد تكون نعمة كبرى، قادرة على حل مشكلات الغذاء والطاقة والمرض. لكن آخرين يخشون أن تتحول إلى كارثة إن خرجت عن السيطرة أو وقعت في الأيدي الخطأ. ولهذا تسعى حكومات وشركات تقنية كبرى إلى فرض ضوابط على تطوير الذكاء الاصطناعي.

يحذر تيم بيرنرز لي، مبتكر شبكة الويب، في حديثه لـBBC، من أن على الشركات أن تمتلك دائمًا “زر الإيقاف الكامل” لأي نظام قد يهدد البشرية.

بين القلق والشك

لكن ليس الجميع مقتنعًا بأن الخطر حقيقي. فنيل لورانس، أستاذ التعلم الآلي في جامعة كامبريدج، يرى أن فكرة الذكاء الاصطناعي العام “وهم لا أساس له”، مشبهًا الأمر بمحاولة صناعة مركبة واحدة تصلح لكل الأغراض.

أما فينس لينش، الرئيس التنفيذي لشركة IV.AI في كاليفورنيا، فيصف الضجة حول الذكاء الاصطناعي العام بأنها “تسويق ذكي أكثر من كونها تهديدًا فعليًا”، قائلاً: “إذا كنت تبني أذكى آلة على الإطلاق، فسيهرع الناس لتمويلك”.

بين الخيال والواقع

في النهاية، وبين من يختبئ في أعماق الأرض ومن يطمح للنجاة عبر الفضاء، يبقى القلق من الذكاء الاصطناعي هو القاسم المشترك بين عمالقة التقنية.

لكن كما خلص تقرير BBC، فإن السؤال الحقيقي ليس ما إذا كان العالم سينتهي، بل ما إذا كان هؤلاء الذين صنعوا الذكاء الاصطناعي سيعرفون كيف يوقفونه حين يبدأ بالتصرف من تلقاء نفسه.

أخبار سوريا الوطن١-وكالات-النهار

مشاركة المقال: