الأحد, 12 أكتوبر 2025 12:04 AM

الهجري يصف أحداث السويداء بـ"الإبادة الجماعية" ويوجه نداءً للأمم المتحدة ومجلس الأمن

الهجري يصف أحداث السويداء بـ"الإبادة الجماعية" ويوجه نداءً للأمم المتحدة ومجلس الأمن

اعتبر شيخ طائفة الموحدين الدروز، حكمت الهجري، أن الأحداث الجارية في السويداء تمثل "انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي الإنساني"، وفقًا لاتفاقيات جنيف الأربعة، وترقى إلى "جرائم إبادة جماعية" و"جرائم ضد الإنسانية" بموجب نظام روما الأساسي.

في رسالة وجهها إلى الأمين العام للأمم المتحدة، وأعضاء مجلس الأمن الدولي، والمفوض السامي لحقوق الإنسان، وجامعة الدول العربية، ومنظمة العفو الدولية، ونُشرت اليوم 11 تشرين الأول الحالي، قال الهجري إن "جبل الباشان" (تسمية عبرية لجبل العرب) يعاني "منذ أشهر من حصار شامل وقاس يهدد حياة المدنيين". وأضاف أن الحصار يطال الغذاء والدواء والمياه والمحروقات وحرية التنقل، مشيرًا إلى أن المساعدات الدولية المحدودة لا تكفي، ويجري استغلالها إعلاميًا لتزييف الحقائق والتغطية على "المأساة الحقيقية للأهالي".

وأكد شيخ طائفة الموحدين الدروز أن السويداء تواجه "كارثة إنسانية غير مسبوقة" تتفاقم آثارها من نواحٍ مختلفة، بما في ذلك:

  • انقطاع الرواتب والمعاشات عن الموظفين والمتعاقدين بصورة "تعسفية".
  • "شلل كامل" في المؤسسات العامة نتيجة قطع شبكة الإنترنت المركزية ومنع إصدار الوثائق.
  • "عجز" الطلاب الجامعيين عن العودة إلى مقاعدهم بسبب "التحريض الطائفي".
  • حرمان طلاب المدارس من استكمال دراستهم.
  • "احتلال" 35 قرية في شمال وغرب الجبل.
  • تدمير وسرقة منشآت حيوية كالمعامل والمطاحن والمعاصر والمشافي ومحطات الوقود ومخازن الحبوب والغذاء.
  • منع المحروقات من الوصول لإيقاف حركات الإنتاج والنقل والعلاج والحياة.

من جانبه، صرح محافظ السويداء، مصطفى البكور، بأن تدهور الخدمات في المحافظة لا يعود إلى تقصير من الحكومة، وإنما إلى "مواقف داخلية" وغياب قنوات التواصل الرسمية مع دمشق، مؤكدًا أن "الدولة جاهزة لتقديم الموارد والخدمات، لكن هناك جهات تمنع ذلك وتصر على التعامل خارج الأطر القانونية".

وخلال لقاء جمعه بعدد من الصحفيين وممثلي وسائل الإعلام في 8 تشرين الأول، أوضح البكور أن التطورات الأخيرة دفعت السويداء إلى اتخاذ "مواقف خاصة" تسببت في عزلها عن مؤسسات الدولة، مشيرًا إلى أن بعض الجهات سمحت لـ"دول مثل إسرائيل وأمريكا بالتحدث باسمها في المحافل الدولية"، ما فاقم من تعقيد الوضع. وأضاف أن كل من حاول التواصل مع الحكومة "تعرض للتهديد"، ما دفع السلطات إلى التريث حتى بدأت بعض الشخصيات المحلية بالانفتاح مجددًا على الحوار.

وأشار المحافظ إلى أن الحكومة أمنت كميات من القمح والطحين للمحافظة، إلا أن "غياب جهة رسمية لاستلامها" حال دون توزيعها بشكل منظم. كما أبدت الحكومة استعدادها لتأمين المحروقات "بكميات كبيرة"، بشرط إجراء الرصد المالي في دمشق، وهو ما ترفضه "الجهات المسيطرة على المحافظة" التي تصر على إبقاء الأموال داخل مصرف السويداء "الخاضع لسيطرة فصائل مسلحة"، بحسب قوله.

وتعاني محافظة السويداء من تراجع في الملفات الخدمية، منذ أحداث منتصف تموز الماضي، التي بدأت بمواجهات بين فصائل محلية وعشائر البدو، وتوسعت بتدخل حكومي وسط انتهاكات متبادلة بين مختلف الأطراف وقصف إسرائيلي للقوات الحكومية.

وكشف البكور عن استيلاء لجنة "غير قانونية" على نحو 20 مليار ليرة سورية (1.5 مليون دولار) ومليون دولار من بنك السويداء، دون رقابة أو تقارير رسمية، مشيرًا إلى أن هذا الوضع حال دون صرف الرواتب أو ضخ الأموال الحكومية مباشرة. وأوضح أن الحكومة اقترحت إرسال الرواتب عبر "الهلال الأحمر" لتوزيعها على المديريات، إلا أن دوائر محلية رفضت بحجة "منع اللجنة غير القانونية والفصائل"، متمسكة بخطاب "نحن محاصرون".

وكانت الفصائل المحلية في السويداء، التي يقودها الشيخ حكمت الهجري، شكلت "اللجنة القانونية" لإدارة القضايا الخدمية في المحافظة، والتي رفضت خارطة الطريق للحل، بينما نفت الحكومة التنسيق معها.

وأكد المحافظ مصطفى بكور أن مؤسسات الدولة لا تزال تعمل ضمن هيكلها الإداري في السويداء، رغم محدودية التواصل الخارجي، وأن الحكومة تواصل تأمين الأدوية والمستلزمات للمشافي، وتعمل على حلول مؤقتة لتسيير شؤون القرى الواقعة تحت سيطرة الدولة، لا سيما في الريف الغربي والشمالي والشرقي.

اعتبر حكمت الهجري أن "انهيار القطاع الصحي"، بسبب "استهداف العديد من الأطباء والممرضين" و"تدمير المرافق الطبيّة"، أدى إلى وفاة "عدة مرضى بسبب نقص الأدوية وتدمير البنى التحتية والأجهزة الطبية". ووصف الهجري ما يجري بأنه "من قبيل الضغط ومحاولات الإبادة الممنهجة".

ومع كل ذلك، بحسب الزعيم الروحي للدروز، فقد التزم "أبناء الجبل" بـ "قرارات وقف إطلاق النار والمواثيق الدولية"، معتبرًا أنه آن الأوان لفك ما سماه بـ "الحصار الآثم". وقال إنه يجب "تطبيق القانون الدولي ونظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية"، لمحاسبة "الحكومة المؤقتة على ارتكاب الجرائم بحق أهلنا ولا تزال، إضافة لعقابها على كل ما ارتكبته ميليشياتها وعناصرها وأذرعها الإرهابية من استمرار لخرق الهدنة".

وحمّل الهجري مسؤولية "ما يتعرض له أهل جبل الباشان" لـ "الحكومة المؤقتة والميليشيات التابعة هذه الانتهاكات"، مناشدًا "الأمم المتحدة ومجلس الأمن والمجتمع الدولي، للتحرك العاجل" لاتخاذ الخطوات التالية:

  • الرفع الفوري للحصار المفروض على "جبل الباشان" وتأمين الممرات الانسانية الآمنة.
  • محاسبة المسؤولين ومرتكبي الجرائم والانتهاكات بحق المدنيين أمام القضاء الدولي.
  • إلزام "الجهات المسلحة المحتلة بالانسحاب الكامل من قرى الجبل المنكوبة".
  • إعادة كل "الأراضي المحتلة"، وفق الحدود الإدارية للجبل، وتنفيذ بنود الهدنة منذ تموز الماضي.
  • فتح المعبر الإنساني الدولي لتسهيل دخول المساعدات والمواد وضمان التواصل الآمن مع العالم الخارجي.
  • تمكين "أبناء الجبل من ممارسة حق تقرير المصير" تحت إشراف الأمم المتحدة بما يضمن حريتهم وكرامتهم وأمنهم الديني والثقافي والوجودي، وتحت الرقابة والحماية الدولية.

بدأت أحداث السويداء في 12 من تموز الماضي، بعد عمليات خطف متبادلة بين سكان حي المقوس في السويداء، ذي الأغلبية البدوية وعدد من أبناء الطائفة الدرزية، تطورت في اليوم التالي إلى اشتباكات متبادلة. تدخلت الحكومة السورية في 14 من تموز، لفض النزاع، إلا أن تدخلها ترافق مع انتهاكات بحق مدنيين من الطائفة الدرزية، ما دفع فصائل محلية للرد، بما فيها التي كانت تتعاون مع وزارتي الدفاع والداخلية.

في 16 من تموز، خرجت القوات الحكومية من السويداء، بعد تعرضها لضربات إسرائيلية، ما أعقبه انتهاكات وأعمال انتقامية بحق سكان البدو في المحافظة، الأمر الذي أدى إلى إرسال أرتال عسكرية على شكل "فزعات عشائرية" نصرة لهم. وبعد ذلك، توصلت الحكومة السورية وإسرائيل إلى اتفاق بوساطة أمريكية، يقضي بوقف العمليات العسكرية.

مشاركة المقال: