لم يتوقع أحمد بنطو، العائد من غربة طويلة في تركيا، أن يجد حي الكلاسة في حلب بهذا الحال. فالعودة إلى الجذور لم تكن كما تخيلها.
عاد أحمد إلى حي الكلاسة، مدفوعًا بالحنين إلى جذوره التي تركها وراءه. لكن الواقع كان مريرًا، فالحرب لم تكن السبب الوحيد في تغيير الحي، بل الإهمال وغياب الخدمات الأساسية.
المياه تصل بشكل متقطع، والكهرباء لا تكفي لتشغيل الأجهزة الأساسية. أسعار الصهاريج والاشتراكات الكهربائية باهظة. يقول أحمد: "عدت إلى الكلاسة لأني سئمت الغربة، لكنني لم أتوقع هذه الصعوبات".
ويضيف، مشيرًا إلى منزله الذي رممه بنفسه: "نريد مستوصفًا صغيرًا، نظافة، وكهرباء منتظمة. الناس صابرة، لكن الوضع صعب".
يفتح أحمد قاطع دكانه كل صباح، متمنيًا تحسنًا في الكهرباء التي يصفها بأنها "لا تكاد تُذكر". الاعتماد على الأمبيرات أصبح عبئًا ثقيلاً، حيث يدفع الأهالي حوالي تسعين ألف ليرة شهريًا.
يشكو أحمد أيضًا من سوء النظافة، فالنفايات تتراكم أمام المحال، والغبار يغمر البضائع. "لم نعد قادرين على العمل في هذه الظروف".
أحد أصحاب المحال يشير إلى كومة النفايات أمام دكانه، معبرًا عن غضبه: "المكب أصبح في واجهة المحلات. أين حملات النظافة؟ أين البلدية؟".
رغم مرور أشهر على عودة بعض العائلات، لم تُطلق حملة نظافة جادة، ما جعل الشوارع مهملة.
المختار أحمد سندة أفاد بأن ألفي عائلة عادت إلى حي الكلاسة من أصل عشرين ألف أسرة كانت تقطنه قبل التهجير.
يقول: "العودة رمزية، لكنها محفوفة بالصعوبات. الخدمات الأساسية غائبة، ولا يوجد مستوصف صحي واحد".
المدارس الست الموجودة بحاجة إلى ترميم عاجل، وثلاث منها دُمرت بالكامل. شبكة الكهرباء متهالكة، والانقطاعات مستمرة، ما يجبر الأهالي على الاشتراك بالأمبيرات بأسعار باهظة.
ويرى أن الجهود المبذولة لتحسين الوضع لا تزال خجولة، مؤكدًا: "الناس عادت لتبني، لا لتهمل من جديد".
حي الكلاسة يشهد مفارقة مؤلمة، فالسكان العائدون لم يجدوا مقومات العيش الكريم. ورغم المعاناة، لا يزال لديهم أمل في أن تصل أصواتهم إلى المسؤولين.