الأربعاء, 10 سبتمبر 2025 06:52 PM

تعديل تعرفة الكهرباء يلوح في الأفق: هل تتحمل الأسر والمنشآت أعباء إضافية؟

تعديل تعرفة الكهرباء يلوح في الأفق: هل تتحمل الأسر والمنشآت أعباء إضافية؟

يبدو أن تعديلات كبيرة في تعرفة الكهرباء قادمة لا محالة، مدفوعةً بارتفاع تكلفة إنتاج الطاقة، وذلك انطلاقًا من رؤية الدولة التي تتعامل بمنطق السوق لا المؤسسة الخيرية. هذا التوجه يستدعي تخفيف الأعباء المالية الملقاة على عاتق الدولة في ظل الظروف الاقتصادية الراهنة.

الموضوع الآن قيد الدراسة المعمقة بين وزيري المالية والطاقة، اللذين يؤكدان على أهمية التنسيق المشترك لاتخاذ قرارات متوازنة تراعي الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية على حد سواء، بما يخدم مصلحة المواطن والاقتصاد الوطني. العمل جارٍ بجدية لاعتماد تعرفة تحقق توازنًا ممكنًا بين العبء المالي الذي تتحمله الدولة، والعبء الذي سيتحمله المواطن، بالإضافة إلى الأعباء المالية التي تتحملها الجهات الإنتاجية والخدمية المنتجة للطاقة أو المستهلكة لها.

في خطوة أولية، تم اتخاذ مجموعة من الإجراءات لتوفير حوامل الطاقة الأساسية للصناعيين بأسعار مدعومة، حيث تم تخفيض سعر الفيول الصناعي وتأمين مخصصات الغاز الصناعي بسعر مدعوم لتلبية احتياجات المنشآت الإنتاجية وضمان استمراريتها. يهدف ذلك إلى تخفيف الأعباء التشغيلية ودعم تنافسية المنتجات المحلية وتخفيض تكلفة الكهرباء الصناعية لتعزيز القدرة التنافسية للصناعة السورية. هذه الخطوات تأتي ضمن سياسة اقتصادية واضحة تتبناها الحكومة، تقوم على دعم الإنتاج الوطني، وتحفيز الاستثمار الصناعي، وضمان انسيابية المواد عبر المنافذ البرية والبحرية، لخلق بيئة اقتصادية مستقرة.

لكن، رفع قيمة الطاقة المستهلكة لتقترب من سعر الكلفة، قد يضع أعباء مالية على كاهل نسبة كبيرة من الأسر والعديد من الفعاليات الإنتاجية والخدمية، حتى مع تطبيق الزيادة تدريجيًا. فوفقًا للحسابات المعلنة، قد يضطر المواطن ذو الاستهلاك العادي للكهرباء إلى دفع مبلغ كبير مقارنة بما كان يدفعه سابقًا. وتشير بعض الدراسات إلى أن قيمة استهلاك الأسرة المتوسطة من الكهرباء شهريًا، وفق التسعيرة المرتقبة، قد تقارب نصف الراتب الشهري للكثير من العاملين في الدولة، فما هو مصير من لا يملكون راتبًا؟ هذا الأمر استدعى من السلطات الرسمية التريث في إعلان التسعيرة الجديدة حتى الآن.

إذا كانت السلطات السابقة قد أخطأت في إعلان سياسة الحد من الدور الأبوي للدولة، إلا أنها لم تطبقها إلا بشكل جزئي، لعدم العمل على زيادة الرواتب بما يوازي زيادة الأسعار، مع الإبقاء على بعض أشكال الدعم رغم الإشكالات الكبيرة المتعلقة بالاستفادة المتوقعة منه وما شابها من فساد. فالحكمة المطلوبة والمأمولة الآن من السلطات الحالية، تتجلى في المزيد من التأني في هذا الموضوع، في ضوء سياسة اقتصاد السوق التي تعمل بها، وتجنب أن تؤدي زيادة تسعيرة الكهرباء أو غيرها من السلع والخدمات إلى استهلاك الزيادة التي حصلت في الرواتب والزيادات القادمة المرتقبة.

للدولة حقوق، ولكن للمواطنين حقوق أيضًا. فالدولة أقوى من المواطن ولديها موارد متعددة، بينما الكثير من الأسر يفتقرون لأبسط الموارد. يجب أن تبقى شكوى الدولة أخف وطأة من بكاء مواطنيها، والعمل على تحقيق التوازن بينهما قدر الإمكان. حبذا لو عملت السلطات المعنية على تخفيف السعر الجديد، والإعلان عن توقيت تطبيقه ليكون المستهلك على علم بالأمر، شريطة اعتماد قراءة فعلية حالية لجميع العدادات، لضمان أن تنطبق الفاتورة القادمة على الكمية المستهلكة فعليًا بعد زيادة التسعيرة. وما لم يتم ذلك، فقد يلحق ظلم كبير بالكثير من الأسر، لأن المؤشرات المعتمدة على الفواتير السابقة لنسبة غير قليلة من العدادات غير متوافقة مع الاستهلاك الحقيقي السابق، ما قد يتسبب في دفع الكثير من الأسر قيمة استهلاك قديم بالسعر الجديد.

ترشح معلومات عن إجراءات تقوم بها وزارة الطاقة لتبديل العدادات الكهربائية الحالية بعدادات حديثة، تسمح بتسجيل كمية الطاقة المستهلكة وقيمتها معًا، دون الحاجة لعامل قراءة العدادات. ويبقى الأمل بترسيخ المعلومات التي أفادت بتحسن الطاقة الكهربائية واستمراريتها، ذلك خلافًا لما يحصل من خلل في التقنين.

الكاتب: عبد اللطيف شعبان – عضو جمعية العلوم الاقتصادية – عضو مشارك في اتحاد الصحفيين (موقع اخبار سوريا الوطن-1)

مشاركة المقال: