بعد مرور أكثر من أربعة عشر عاماً على انطلاق الثورة السورية، التي نادى فيها الشعب بالحرية والكرامة وقدم تضحيات جسيمة، بدأت العدالة تدق أبواب دمشق من جديد. المحامون، الذين كانوا في طليعة المدافعين عن الحق، عانوا من تحول نقابتهم إلى أداة قمع بيد السلطة، حيث تم إقصاء وشطب أسماء العديد منهم بسبب انحيازهم إلى الشعب. وتحول مجلس النقابة إلى ما يشبه فرعاً أمنياً بدلاً من أن يكون منبراً للعدالة.
اليوم، وفي خطوة مفصلية، أصدر مجلس فرع دمشق لنقابة المحامين قراراً هاماً بشطب أسماء المتورطين مع الأجهزة الأمنية، والذين أساءوا إلى مهنة المحاماة وحولوها إلى ذراع للنظام. هذا القرار لا يمثل مجرد إجراء إداري، بل هو خطوة جوهرية نحو العدالة الانتقالية، وإعادة الاعتبار للمحامين الذين دعموا الثورة السورية، وكتابة الرواية الحقيقية للأحداث.
الكاتب فراس حاج يحيى يرى في هذا القرار بعداً شخصياً، حيث يذكر أنه في عام 2015 صدر بحقه قرار جائر بشطبه من جدول المحامين المتدرّبين، بسبب انضمامه إلى الثورة السورية. ويشير إلى أن الأسماء التي وقّعت على قرار شطبه آنذاك هي نفسها التي تظهر اليوم في قوائم الشطب الصادرة عن النقابة، بعد ثبوت تورطها في الفساد والتبعية للأجهزة الأمنية. ويؤكد أن هذا القرار يعيد الحق إلى نصابه ويستعيد ميزان العدالة توازنه.
ويضيف أن ما قام به الأساتذة والزملاء في مجلس فرع دمشق هو إعادة الاعتبار لجوهر مهنة المحاماة، المتمثل في الدفاع عن المظلوم ونصرة الحرية والالتزام بكرامة المهنة وشرفها. ويرى أن الوقت قد حان لكتابة الرواية الصحيحة للأحداث، بقرارات نقابية واضحة تعيد رسم الحدود بين من انحاز إلى الطغيان ومن اختار الوقوف مع الحق والشعب.
ويختتم بالقول إن هذه القرارات تمثل بداية كتابة سردية نقابية قانونية طال انتظارها، تكشف عن حقيقة من استخدموا المهنة سيفاً بيد الاستبداد، وتعيد إلى المحاماة وجهها النبيل. ويؤكد أن العدالة قد تتأخر، لكنها لا تموت، وأن التاريخ لا يرحم المزورين. ويشير إلى أن هذا الإعلان يوضح أن المحامين الأحرار هم حراس الثورة، وأن عودة صوتهم هي عودة لروح العدالة.
فراس حاج يحيى - زمان الوصل