الثلاثاء, 9 سبتمبر 2025 03:37 AM

إعادة الصحفيين المنشقين: هل هو مجرد رفع عتب أم استثمار لقوة إعلامية؟

إعادة الصحفيين المنشقين: هل هو مجرد رفع عتب أم استثمار لقوة إعلامية؟

يتناول علي عيد قضية إعادة الصحفيين والموظفين الذين تم فصلهم من وزارة الإعلام السورية خلال فترة النظام السابق، والمنشقين منهم، مشيرًا إلى أن الإجراءات المتخذة لا تعكس رغبة حقيقية في الاستفادة منهم أو رد اعتبارهم، بل تبدو كدعوة شكلية.

ويرى عيد أن الوظيفة في الإعلام الرسمي قد لا تمثل طموحًا للكثيرين، إلا أن من رفضوا جرائم النظام وانضموا إلى الثورة يستحقون معاملة أفضل، وأن عودتهم قد تكون تعويضًا أخلاقيًا. ويؤكد على الدور الهام الذي لعبه هؤلاء الصحفيون في نقل صوت السوريين إلى المحافل الدولية والمنظمات والجامعات، وعرض الحقائق المتعلقة بالانتهاكات، وإدخالها ضمن جداول أعمال الحكومات الغربية ووسائل الإعلام العالمية.

ويشير إلى أن الصحفيين المنشقين شكلوا نواة للإعلام المعارض، وقاموا بتدريب العديد من الزملاء، واكتسبوا خبرات كبيرة من خلال عملهم في وسائل الإعلام العالمية، معتبرًا ذلك ثروة لا تقدر بثمن. ويشبّه إصرارهم على العودة بإصرار "أسماك السلمون" على العودة إلى موطنها، رغم الصعاب.

ويذكر أن وزارة الإعلام قد حددت مهلة أسبوع للصحفيين المفصولين بسبب مواقفهم المرتبطة بالثورة السورية للمراجعة وتقديم الثبوتيات، الأمر الذي أثار استياء البعض. ويرى أن قرار "رفع العتب" يعكس عدم تقدير لدور الصحفي المحترف، وأن هؤلاء الصحفيين، البالغ عددهم 168، يمكن أن يتحولوا إلى قوة إعلامية مؤثرة بدلًا من تجاهلهم.

ويؤكد عيد أن الضرر الأخلاقي الناتج عن هذا التعامل أكبر من الضرر المادي، وأن ما يحدث في سوريا يتعارض مع ما جرى في ثورات أخرى، حيث تم تقدير دور الصحفيين ورد اعتبارهم. ويستشهد بتجارب دول مثل جنوب إفريقيا (بعد سقوط نظام الفصل العنصري 1994)، وتشيلي (بعد سقوط بينوشيه 1990)، وألمانيا الشرقية سابقًا (بعد الوحدة الألمانية 1990)، حيث تم رد اعتبار الموظفين المفصولين بسبب نشاطهم السياسي.

ويذكر أمثلة لصحفيين تم رد اعتبارهم وعادوا للإسهام في نهضة الإعلام في بلادهم، مثل الصحفيتين التشيليتين ألجينادرا ماتوس (Alejandra Matus) ومونكيا موجيكا (Mónica González Mujica)، والصحفي الجنوب إفريقي جون ماتيسون (John Matisonn)، والصحفية الناميبية جوين ليستر (Gwen Lister)، والهندورساية ويندلي غويرا (Wendy Guerra)، وكاب هايتين في هاييتي.

ويختتم بالإشارة إلى أن بناء شخصية الصحفي يستغرق سنوات، وأن الصحفيين أصحاب المواقف يستحقون دعوة كريمة تليق بهم، لا أن يصبح موضوع إعادة اعتبارهم مادة نقاش سطحي. ويقارن بين عقل الدولة الراسخة والدولة التي تبني خططها على مبدأ "نسمّي على الحاضر"، مؤكدًا أن الطريق طويل والحق عتيق.

مشاركة المقال: