الإثنين, 8 سبتمبر 2025 03:46 AM

حمص تواجه أزمة مياه حادة مع تراجع منسوب "عين التنور" وتنتظر حلول "أعالي العاصي"

حمص تواجه أزمة مياه حادة مع تراجع منسوب "عين التنور" وتنتظر حلول "أعالي العاصي"

عنب بلدي – محمد كاخي: تعيش مدينة حمص اليوم أزمة مياه تهدد حياة أكثر من 1.5 مليون نسمة، وفقًا لبيانات محافظة حمص نقلًا عن مؤسسة مياه حمص. وقد بدأت المؤسسة بتطبيق نظام تقنين للمياه، حيث يتم وصل المياه ليوم واحد ثم قطعها في اليوم التالي في مختلف أحياء المدينة.

ونتيجة لتهالك الشبكة المائية وضعف الضخ، يعاني بعض السكان من انقطاع كامل للمياه، مما يضطرهم إلى شراء المياه من الصهاريج، وهو ما يمثل عبئًا ماليًا إضافيًا على الأهالي، حيث تصل تكلفة تعبئة خزان من ستة براميل إلى حوالي 60 ألف ليرة سورية، حسبما أفادت عنب بلدي.

انخفاض غير مسبوق في منسوب "عين التنور"

يُعد نبع "عين التنور"، الذي يقع على بعد حوالي 32 كيلومترًا جنوب غرب مدينة حمص في مدينة القصير، المصدر الرئيسي الذي يغذي حمص ومناطق الريف الشمالي بمياه الشرب النقية منذ عقود. وقد انخفض معدل ضخ النبع من حوالي 130 ألف متر مكعب يوميًا خلال صيف 2024 إلى 80 ألف متر مكعب يوميًا فقط هذا العام، أي بتراجع يزيد عن 50 ألف متر مكعب يوميًا، أو بنسبة 45%، وفقًا لما أكدته المؤسسة العامة لمياه الشرب والصرف الصحي في محافظة حمص.

وأوضح مدير الموارد المائية في حمص، محمد عبد الوهاب حسين، أن عام 2025 يُسجَّل كأكثر الأعوام جفافًا منذ قرن كامل. وأشار إلى أن الهطل المطري في حمص هذا العام لم يتجاوز 141 ملم، في حين أن المعدل الطبيعي هو 400 ملم. وأضاف أن تصريف نهر العاصي عند دخوله سوريا انخفض إلى أقل من 2 متر مكعب/ثانية، مقارنة بالمعدل الطبيعي الذي يتراوح بين 6 و8 متر مكعب/ثانية.

هل يحل مشروع "أعالي العاصي" المشكلة؟

توقعت دراسة سابقة أجراها برنامج "اتجاهات الشرق الأوسط" التابع لمركز "روبرت شومان للدراسات المتقدمة" أن يتوقف نبع "عين التنور" عن الخدمة بحلول عام 2025. إلا أن هذه التحذيرات لم تلق استجابة جادة من قبل مؤسسات نظام الرئيس المخلوع بشار الأسد، وتم تجاهل مشروع "أعالي العاصي" الذي كان يهدف إلى استجرار مياه النهر وتنقيتها لتغطية نصف حاجة المدينة، وتخفيف الاعتماد على نبع "عين التنور".

وأوضح معاون مدير المؤسسة العامة لمياه الشرب في محافظة حمص، عمر شمسيني، لعنب بلدي، أن هذا المشروع هو مشروع "مركزي وزاري"، أي أنه يحتاج إلى إعلان وتمويل من الوزارة. وفيما يتعلق بعمل مؤسسة مياه حمص، فقد قامت المؤسسة بإجراء الدراسات اللازمة لمحطة الضخ في حال تم إعطائها الحصة المالية المناسبة، كما درست المؤسسة موضوع الوصل بين محطة حماة ومحطة حمص، ما يعني أن دراسات المشروع جاهزة، لكنه يحتاج إلى قرار وتحرك وزاري بالكامل.

حلول إسعافية عاجلة

تضم محافظة حمص نحو 52 بئرًا موزعة على أحيائها، وكان من المفترض أن تكون بمثابة صمام أمان في مواجهة أي طارئ، إلا أن سنوات الحرب والإهمال أدت إلى خروج معظمها عن الخدمة، بحسب مؤسسة مياه حمص. وقد أعلنت المؤسسة في 28 من تموز الماضي أنها استطاعت تشغيل 12 بئرًا منها، وأُعيد تأهيل ثلاث آبار إضافية ضمن حملة "حمص بلدنا".

وفي 27 من آب، قال معاون مدير مؤسسة مياه حمص، عمر شمسيني، لعنب بلدي، إن عدد الآبار المؤهلة وصل إلى 25 بئرًا، ويبلغ منسوب الضخ حاليًا بين 8 و10 آلاف متر مكعب يوميًا، بعد أن كان 3-5 آلاف متر مكعب، أي ما يمثل 37% من حاجة المدينة.

وبالإضافة إلى عمليات تأهيل الآبار، تقوم مؤسسة مياه حمص بمجموعة من الإجراءات الإسعافية لتعويض الفاقد الذي نتج عن انخفاض منسوب مياه "عين التنور"، مثل توزيع صهاريج مياه صالحة للشرب تابعة لمنظمة "أوكسفام" في بعض النقاط في المحافظة، وتخصيص 30 ليترًا لكل مواطن، ووضع جميع صهاريج القطاع الحكومي تحت تصرف المنظمة. كما تتضمن الإجراءات القيام بحملات توعية لترشيد استهلاك المياه تشمل جلسات توعية بالتعاون مع الهلال الأحمر السوري، ومن خلال المنابر الدينية بالتنسيق مع مديرية الأوقاف، بالإضافة إلى حملة إعلامية شاملة بالتعاون مع مديرية إعلام حمص، بحسب شمسيني.

وعن الخطة متوسطة الأجل، قال شمسيني في حديثه إلى عنب بلدي، إن مؤسسة المياه ستقوم بحفر آبار بمناطق "الأمل المائي" مثل قرية السمعليل، والدحيريج، وعين السمك، وآبار المدينة القديمة. أما الخطة بعيدة الأمد، فهي مشروع "أعالي العاصي" الذي ينتظر قرارًا وزاريًا، أو مشروع استجرار المياه من الساحل، وهو مشروع لا يزال قيد الدراسة يطرح استجرار المياه إلى حمص ودمشق من الساحل، بحسب شمسيني.

شبكات متهالكة

أوضح مدير عام مؤسسة مياه حمص، عبد الهادي عودة، أن شبكة المياه في المدينة حلقية تعتمد على كمية مياه كبيرة تغذي الشبكة، ولا تستطيع التكيّف بسهولة مع النقص الحاد، وهذا يؤثر على كمية المياه التي تصل إلى المناطق المختلفة، لكن المؤسسة تعمل الآن على إعادة تقييم وتصميم هذه الشبكات.

ورصدت عنب بلدي شكاوى للأهالي في مناطق مرتفعة أو بعيدة عن الشبكات، لا تصلها المياه في أوقات الضخ، أو تعاني من انقطاع التيار الكهربائي في أثناء عملية ضخ المياه، وبالتالي لا تستطيع تعبئة حاجتها من المياه بسبب الحاجة إلى مضخة تساعد على دفع المياه للطوابق العالية.

وهو ما أكده معاون مدير مؤسسة مياه حمص، عمر شمسيني، لعنب بلدي، وقال إن زيادة عدد السكان، وسوء تصميم الشبكة، وضعف ضخ المياه أدت إلى أزمة في وصول المياه إلى بعض المناطق، وخاصة المرتفعة منها. وأضاف شمسيني أن إعادة تقييم وتصميم شبكة المياه في المدينة موضوع معقد، ويحتاج إلى كثير من الوقت للدراسة والتنفيذ، وتقوم مؤسسة المياه بالتنسيق مع جامعة "حمص" بدراسة إعادة تقييم وتصميم الشبكة، والمؤسسة الآن في طور رصد الاعتمادات المالية للمشروع لأنه مكلف للغاية، بحسب شمسيني.

وفي الوقت الحالي، قامت المؤسسة ببعض أعمال الصيانة الإسعافية لكي تستطيع تطبيق نظام التقنين، وقسمت المدينة إلى قسمين من خلال زراعة وإضافة صنابير مركزية يمكن من خلالها ضبط عملية ضخ المياه لمختلف الأحياء في المدينة.

مشاركة المقال: