السبت, 6 سبتمبر 2025 05:03 PM

إيران وسياسة الغموض النووي: استراتيجية للمواجهة أم استعداد للتفاوض؟

إيران وسياسة الغموض النووي: استراتيجية للمواجهة أم استعداد للتفاوض؟

يبدو أن الجمهورية الإسلامية الإيرانية قد تبنت سياسة الغموض النووي في تعاملها مع الغرب، وذلك بعد ما وصف بـ "الحرب الإسرائيلية الأميركية" عليها. تزامن هذا مع مفاوضات غير مباشرة بين طهران وواشنطن، مما أدى إلى فقدان القيادة الإيرانية الثقة بالجانب الأميركي، الذي اتهمته باللجوء إلى الخديعة والغدر، وكشف عن أهدافه الحقيقية المتمثلة في حرمان إيران من برنامجها النووي سواء بالحرب أو عبر التفاوض.

في ظل هذه التطورات، تثار تساؤلات حول الاحتمالات المستقبلية، خاصة مع إصرار الغرب على حرمان إيران من حقها في تخصيب اليورانيوم على أراضيها. بداية، ما هي استراتيجية الغموض النووي وأهدافها؟

اعتمدت إيران سياسة "الغموض النووي" في تعاملها مع الغرب بعد "الحرب الإسرائيلية الأميركية"، وهي استراتيجية تهدف إلى إبقاء نواياها وقدراتها النووية في حالة من الغموض والإبهام. جاءت هذه السياسة كرد فعل على الهجمات العسكرية التي استهدفت منشآتها النووية، واستخدام الغرب للوكالة الدولية للطاقة الذرية كأداة للضغط عليها.

تتجلى ملامح سياسة الغموض الإيرانية في عدة نقاط:

  1. تقليص التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية: أعلنت إيران تعليق تعاونها مع الوكالة وسحب مفتشيها، مبررة ذلك بالهجمات العسكرية على منشآتها وموقف الوكالة الذي غطى ما وصفته بـ "العدوان على إيران".
  2. زيادة مستوى التخصيب: واصلت إيران تخصيب اليورانيوم إلى مستويات أعلى، بما في ذلك 60%.
  3. نقل المنشآت النووية إلى أماكن آمنة: قامت إيران بنقل مخزونها النووي إلى مواقع سرية وآمنة، مما يجعل من الصعب على الدول الغربية تحديد حجم التقدم التقني أو كمية المواد الانشطارية، أو معرفة أماكن التخصيب الجديدة للتجسس عليها لصالح "إسرائيل" والولايات المتحدة.
  4. التأكيد على الحق في التخصيب: تصر طهران على أن تخصيب اليورانيوم هو حق مشروع لها بموجب معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية، وأن برنامجها النووي يخدم أغراضاً سلمية.

ما هي الاحتمالات في حال إصرار الغرب على موقفه؟ إن إصرار الغرب على حرمان إيران من حقها في تخصيب اليورانيوم على أراضيها، وتمسك إيران بهذا الحق، قد يؤدي إلى عدة احتمالات:

  1. الخيار النووي العسكري: قد يدفع إصرار الغرب إيران نحو اتخاذ قرار بامتلاك سلاح نووي كخيار لحماية البلاد وردع أي هجوم أميركي "إسرائيلي" في المستقبل، على غرار ما فعلت كوريا الديمقراطية.
  2. استمرار المواجهة الدبلوماسية: يمكن أن تستمر حالة الجمود، حيث ترفض إيران التنازل عن حقها، بينما يواصل الغرب فرض العقوبات وممارسة الضغوط.
  3. إعادة التفاوض: قد تظهر مساع دبلوماسية جديدة للعودة إلى طاولة المفاوضات، ولكن وفق شروط جديدة تأخذ في الاعتبار حقوق إيران التي تنص عليها معاهدة منع انتشار الأسلحة النووية. تشير بعض التصريحات الإيرانية إلى استعداد طهران لخفض مستوى التخصيب للأغراض السلمية، مقابل اتفاق يضمن لها الاستفادة منه محلياً، أي العودة إلى الاتفاق النووي الذي وقع عام 2015 وانقلبت عليه إدارة الرئيس دونالد ترامب.
  4. تصعيد عسكري جديد: في ظل إصرار الغرب على موقفه وعدم ثقة إيران بالغرب بعد ما وصف بـ "شن الحرب عليها"، لا يمكن استبعاد أي خيار عسكري تقدم عليه "إسرائيل" والولايات المتحدة مجدداً. لكن هذا الخيار لم يعد سهلاً بعد أن أثبتت إيران قدرتها على الرد بالمثل على العدوان واستنزاف كيان الاحتلال، وبعد أن سدت إيران الكثير من الثغرات الداخلية التي ظهرت خلال الحرب عليها، واعتمدت سرية العمل في برنامجها النووي.

من هنا، فإن سياسة الغموض النووي تعتبر أداة استراتيجية إيرانية، تهدف من خلالها طهران إلى تعزيز موقفها التفاوضي، وإبقاء الخيارات الأخرى مفتوحة في ظل استمرار التصعيد الأميركي الصهيوني الأوروبي.

(اخبار سوريا الوطن1-الكاتب)

مشاركة المقال: