في العصر الرقمي، أصبحت التكنولوجيا جزءًا لا يتجزأ من حياتنا، ولكن الاستخدام المفرط لها قد يستنزف طاقتنا ويؤثر سلبًا على صحتنا العامة. فبدلاً من أن تسهل حياتنا، نجد أنفسنا متنقلين باستمرار بين رسائل البريد الإلكتروني، والاجتماعات الافتراضية، ومنصات التواصل الاجتماعي المختلفة، دون منح أنفسنا الوقت الكافي للاسترخاء والتوقف.
"الإرهاق الرقمي" هو حالة من الإجهاد والتعب الناتج عن الاستخدام المفرط والمستمر للأجهزة الرقمية، والذي يؤثر على جوانب مختلفة من صحتنا البدنية والنفسية والاجتماعية، وذلك وفقًا لما نشره "مجلس الصحة لدول مجلس التعاون الخليجي".
ما هي آثار الإرهاق الرقمي؟
الاستخدام المفرط للأجهزة الرقمية له آثار متعددة على الجوانب الجسدية والنفسية والاجتماعية والعاطفية. فعلى المستوى الجسدي، قد يعاني الأفراد من إجهاد بصري يتمثل في جفاف وتهيج العينين، وضبابية الرؤية نتيجة الاستخدام المطول للشاشات. بالإضافة إلى ذلك، قد يعانون من آلام في الرقبة والظهر نتيجة الجلوس لفترات طويلة في أوضاع غير مريحة، وإجهاد عضلي بسبب قلة الحركة والتعرض المستمر للأجهزة الرقمية.
أما على الصعيد النفسي، فيرتفع مستوى التوتر نتيجة الضغط المستمر للتواصل الرقمي والعمل عبر الإنترنت. كما يؤثر استخدام الشاشات على النوم، حيث يواجه البعض صعوبة في النوم أو انخفاضًا في جودته بسبب التعرض المستمر للضوء الأزرق. بالإضافة إلى ذلك، قد يشعر الأفراد بالعزلة نتيجة الاعتماد الكبير على التفاعلات الرقمية.
من الناحية الاجتماعية والعاطفية، يؤدي الاستخدام المفرط للتكنولوجيا إلى تداخل الحدود بين الحياة الشخصية والمهنية بسبب العمل والتواصل الرقمي خارج أوقات الدوام. وقد تتراجع جودة العلاقات الاجتماعية نتيجة الاعتماد المفرط على التواصل الرقمي.
ما هي الأعراض؟
تشمل أبرز علامات الإرهاق الرقمي:
- الشعور بتعب شديد في نهاية اليوم رغم عدم بذل مجهود بدني أو ذهني كبير.
- تشتت الانتباه وصعوبة التركيز.
- الصداع.
- القلق أو الشعور بالاكتئاب نتيجة التفاعل الرقمي المستمر.
- تراجع الأداء المهني وفقدان الحافز.
قواعد صحية للتعامل مع الإرهاق الرقمي
للتعامل مع الإرهاق الرقمي، يمكن اتباع العديد من الاستراتيجيات الفعالة، ومن أبرزها:
- تخصيص أوقات معينة لاستخدام الأجهزة، مع استخدام نظارات لحجب الضوء الأزرق لحماية العينين.
- أخذ فترات استراحة، والحركة بعيدًا عن الشاشة لتحفيز الدورة الدموية.
- تجنب استخدام الأجهزة قبل النوم للحفاظ على راحة الجسم والعقل.
- تحديد أوقات للعمل والراحة لتفادي تأثير العمل المستمر على الحياة الشخصية.
- الاستراحات المنتظمة (تطبيق قاعدة 20-20-20) لحماية العينين، وأخذ فترات راحة لتقليل الإرهاق العقلي والجسدي.
- تقليل الوقت على وسائل التواصل الاجتماعي وتخصيص أيام للراحة الرقمية.
- أخذ وضعية مريحة والتأكد من أن الشاشة في زاوية مريحة.
- استخدام قطرات العين لتخفيف الجفاف.
- تحديد نوعية الأخبار التي تتلقاها والابتعاد عن المحتوى والأخبار المثيرة للقلق على مواقع التواصل الاجتماعي.
متى يجب عليك مراجعة الطبيب؟
هناك بعض الحالات التي تتطلب منك مراجعة الطبيب إذا كنت تعاني من الإرهاق الرقمي، وهي:
- آلام جسدية مستمرة أو شديدة: إذا كنت تعاني من آلام في الرقبة أو الظهر، أو إجهاد بصري شديد يترافق مع صداع، ولا يتحسن بتغيير وضع الجلوس أو أخذ فترات راحة.
- اضطرابات النوم المستمرة: إذا كنت تعاني من صعوبة شديدة في النوم، أو من نوعية نوم سيئة تستمر لفترة طويلة، بسبب التفاعل المستمر مع الأجهزة الرقمية.
- تأثيرات نفسية شديدة، مثل القلق والاكتئاب: إذا كنت تشعر بزيادة في القلق أو الاكتئاب بسبب العمل المستمر على الأجهزة الرقمية، أو إذا أصبحت تجد صعوبة في التفاعل الاجتماعي أو التعامل مع الأنشطة اليومية.
- عدم القدرة على التعامل مع الإرهاق: إذا كنت قد جربت تغيير عاداتك الرقمية، مثل تقليل وقت الشاشة وأخذ فترات راحة، ولكن الأعراض لا تتحسن أو تزداد سوءًا.
الإرهاق الرقمي ليس مجرد تعب عابر، بل هو نتيجة تراكم الضغط الناتج عن الاستخدام الطويل والمستمر للتكنولوجيا، ويستلزم تبني عادات رقمية صحية للحفاظ على الطاقة والتركيز والنشاط الاجتماعي.