بإصرار وعزيمة قويين، فاز الطالب السوري زيد عماد سرحان (مواليد 2008) بلقب بطل فرنسا في "تحدي القراءة العربي" لعام 2025. وبهذا الفوز، تأهل زيد لتمثيل الجالية العربية في فرنسا في النهائيات العالمية التي ستقام في دبي، حيث سيتنافس مع الأوائل من مختلف دول العالم.
عاش زيد، وهو من بلدة العبادة في الغوطة الشرقية بريف دمشق، تجربة نزوح صعبة منذ طفولته. تنقل بين سقبا وحزة خلال سنوات الحصار (2013-2018)، قبل أن يضطر إلى مغادرة سوريا مع عائلته في عام 2019 متوجهًا إلى فرنسا، وذلك بسبب التهديدات التي طالت والده الصحفي منتصر أبو زيد نتيجة لنشاطه الإعلامي.
على الرغم من قسوة الرحلة وما صاحبها من نقص في الغذاء والدواء وغياب لأبسط مقومات الحياة، وجد زيد ملاذه في الكتب التي كانت بمثابة نافذة له على الأمل والمعرفة. وفي حديثه لـ"زمان الوصل"، قال: "المعاناة صنعت في داخلي الصبر والإصرار، وجعلتني أكثر تعلقًا بالقراءة والثقافة، فكنت أقرأ القصص المصورة والكتب الصغيرة حتى في أصعب الظروف".
في فرنسا، بدأ زيد رحلة جديدة في تعلم اللغة الفرنسية، متحديًا صعوبات الاندماج وظروف جائحة "كورونا" التي فرضت عزلة طويلة. لكن عزيمته القوية دفعته إلى استثمار وقته في إتقان لغة البلد الجديد، والانفتاح على الأدب الفرنسي، مع الحفاظ على قراءاته باللغة العربية.
وعن مشاركته في تحدي القراءة، أوضح زيد: "كنت مترددًا في البداية لأن عام 2025 يتزامن مع تحضيري لاختبار البكالوريا في اللغة الفرنسية، لكنني قررت خوض التحدي. ورغم أن امتحان الفرنسية كان في 30 يونيو، وتلاه امتحان العربية في اليوم التالي، استطعت بفضل التوازن والإصرار أن أنجح في كليهما".
وأشار زيد إلى أن هدفه القادم هو رفع علم بلاده عاليًا في نهائيات دبي، قائلاً: "أمثل فرنسا في هذه المسابقة، لكنني أحمل بداخلي سوريا كلها. هدفي أن أصل إلى المركز الأول عالميًا وأثبت أن شبابنا قادرون على التفوق أينما كانوا".
من جانبه، أكد والده منتصر أبو زيد أن ما حققه زيد هو نتيجة جهد وإصرار سنوات طويلة، مشددًا على أن الاستثمار في العلم والثقافة هو الطريق الأمثل لمستقبل أفضل للشباب السوري.
تعتبر مبادرة "تحدي القراءة العربي"، التي أطلقها الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، أكبر مشروع عربي لتشجيع القراءة لدى الطلاب، حيث يشارك فيه ملايين الطلاب سنويًا من مختلف أنحاء العالم.
إن قصة زيد عماد سرحان ليست مجرد فوز بلقب، بل هي رسالة أمل بأن الإرادة قادرة على تحويل الألم إلى طاقة إبداع، وأن الشباب السوري في المهجر يواصلون حمل مشعل الثقافة والتميز.
فارس الرفاعي - زمان الوصل